لو كلف المسؤول في وزارة الصحة نفسه وتخطى بضع خطوات وزار مدينة الطب, اقسام الطوارئ مثلا ووقف على طلاب البقشيش والاكراميات من كادر التمريض والتنظيف لرأى ما لا يقترفه ابسط وافقر شحاذي العالم واكثرهم امتهانا لكرامتهم ...وسيرى ذباب الليل او ذباب الكلب وقد لصق به ..ويجد ذوي المرضى, وفضلا عن محنتهم وموقفهم الصعب ومعاناتهم لمرضاهم انهم ازاء كائنات رخيصة دبقة مقرفة تطن في اعصابهم تطلب البقشيش والاعطية والاكرامية, فهذا تقطعت يداه في جلب قنينة الغاز, وذاك تقطعت أنفاسه لتوفير معدات الفحص وانابيب واجهزة التنفس ...والخ واذا فلتت اعصاب الضحية فمريضه بقبضتهم.نعم ..هذه عادة قديمة وموجودة دائما بقدر او آخر, ولكنها لم تستكلب وتبلغ درجة السعار والاستفزاز واثارة الغثيان كما الان ...رغم انه لا ابسط من حلها وعلاجها.. وسيتفاجأ المسؤول في وزارة الصحة بنيل رضى الجموع الواسعة ومباركتهم لو انهى هذه الظاهرة المخزية ...ولا يتطلب منه سوى اصدار امر يحذر فيه هؤلاء (السلابة) وينذرهم باشد العقوبات مع المراقبة والمتابعة والجدية .. والاكيد انه القرار الذي سيحظى باجماع (المتحاصصين والمتغانمين والذين يعالجون زكامهم وأسنانهم في لندن وواشنطن).. بمعنى انه كسب للناس واصواتهم ورضاهم بخطوة أشبه بالمجانية... ويقال ان مثل هذا المسؤول موجود وقرر اتخاذ الخطوة المأمولة التي تحفظ كرامة هؤلاء الشحاذين قبل حفظ أعصاب ذوي المرضى.... الا ان هذا غير اكيد, ومن باب التمني ..لان الاخطر لم يلتفتوا اليه ...نقص الادوية, نقص النظافة, نقص الكادر الطبي نقص رواتب الاطباء قياسا برواتب من لا يحملون شهادة الابتدائية, نقص الحماية...... وكل ذلك يشير الى حقيقة اصعب: التسيب.. ثمة تسيب عام وشامل والدوائر متروكة لحالها, وهذا التسليب شاهد حي على التسيب ..وخطورته الاستثنائية في وزارة الصحة هو انعكاسه المباشر على صحة ومصير وحياة المواطن ...وانه اذا كان بوسع اثرياء السلطة العلاج في الخارج فان من بين الثمانية ملايين عراقي جائع من ينتظر موته على فراشه ,فيما على البقية ان يلتحقوا بالجياع اذا اراد الواحد منهم علاج اسنانه او فقرات ظهره ...وان يبدد البقية اعصابهم ازاء سلابة المستشفيات.والاكيد ان هذا التسيب العام والشامل من نتاج دولة سائبة بمسؤوليها ونوابها وتقاتها وسياسييها ...وبوسع سلابة المستشفيات ان يشتموا ويدينوا من يشتمهم ويدينهم في اعصار تنهب فيه المليارات ولم تفلح ميزانيات العراق الضخمة في بناء ما يصلح لتأشيره ...
|