أسبوع كامل من الارق، لم اعرف فيه طعم النوم، وانا أفكر بوسيلة (عملية)، يمكن ان تضع حدا للأصوات التي تجاهر بالطائفية على مسمع الجميع بلا وازع من ضمير، او رادع يمنعها بالقوة، خاصة بعد توصلي الى قناعة تامة، ان فعاليات الصلاة الموحدة مثلا، او مواثيق الشرف، لا تقدم ولا تؤخر، لان اقطاب الطائفية وزعماءها ودعاتها، اقسموا بالله وكتابه الكريم، ان يعملوا على وحدة العراق وخدمة شعبه، والنظر الى العراقيين جميعا بعين العدل والمساواة، ومع ذلك احنث (معظمهم) بهذا القسم العظيم، فكيف يقيمون وزنا للشرف او مواثيقه او عهوده، وهي مجرد أوراق يوقعونها في النهار، ويمزقونها في الليل ؟! اخيرا اهتديت الى وسيلة، وعرضتها على زميلي العزيز عباس عبد الحسين الذي يصفني دائما بالغبي من باب الملاحظة، وذلك للاستئناس برأيه، والوسيلة بسيطة جدا، وتقضي بتشكيل لجنة (مستقلة) بالمعنى الحرفي للكلمة، لا تتبع احدا، ولا سلطة لاحد عليها، قراراتها ملزمة وغير خاضعة للطعن او التمييز، تتألف من (15) شخصا مشهودا لهم بالتقوى والنزاهة والقوة والمواجهة، لا تقل أعمارهم عن السبعين سنة، ومن لحاصلين على شهادات عليا في الإعلام بحيث لا يمر عليهم كلام مبطن او مدسوس !! مهمة اللجنة هي رصد اي تصريح او خطاب او حديث او كلمة او حوار يصدر عن الرئاسات الثلاث او الوزراء او النواب او الوكلاء او رؤساء الاحزاب او كبار موظفي الدولة او السفراء او الشخصيات السياسية المستقلة وكذلك رؤساء تحرير الصحف ومسؤولي الفضائيات والاذاعات، سواء كانت ممولة من الحكومة ام من الاحزاب ام من دول الجوار ... فاذا رأت اللجنة في كلاهم احدهم ما يدعو الى الطائفية او يحرض عليها، او يلمح ولو من طرف خفي، يصدر عنها أمر بتغريمه مبلغ (5) ملايين دينار بصورة فورية، فاذا ما ارتكب أي منهم هذه الجريمة (10) مرات في السنة على سبيل المثال، فانه سيدفع لخزينة الدولة (50) مليون دينار، واعتقد ان هذا المبلغ سيكون عقوبة رادعة لكل من تسول له نفسه اثارة النعرات الطائفية، كما اوضحت لزميلي: لو ان (800) مسؤول على الاقل شملتهم هذه العقوبة المالية، فسوف تحصل الخزينة على (40) مليار دينار سنويا، يمكن ان تبني الدولة فيها (40) مدرسة نموذجية كل عام!! نظر الي زميلي باستغراب، وتأمل مقترحي على مهل، ثم فاجأني قائلاً: في المرات السابقة كنت أنعتك بالرجل الغبي من باب المزاح والميانة والمحبة، اما في هذه المرة فأقول بكل جدية: انت حقا انسان غبي بامتياز، لان الخمسين مليون دينار لن تردع المسؤول الطائفي، ولن تردعه مئة مليون دينار، لانه يسترجع اضعافها بصفقة واحدة، وهذه الصفقات لا تأتي مالم يكن باقيا في موقع المسؤولية، ولن يضمن له هذا لبقاء سوى خطابه الطائفي.. مفهوم مولانا ؟ لو تخلى زميلي فقط عن ميانته معي ومزاحه (الثقيل)، فانه على حق في كل ما قاله !!
|