يجلس السيد (أبو فلان) على مكتبه في ركن ردهة المستشفى ولا احد يعرف من يكون....طبيب؟ مدير ردهة؟ مدير مستشفى؟ وزير صحة؟ المهم، يبدو انه المعني بزرق الطفل ضيق النفس بالإبرة، فأمر الإمبراطور وابو فلان ان يأتوا له بالطفل لكي يزرقه الابرة... ولكن يا ابو فلان الطفل مربوط بشبكة من الأنابيب والاجهزة، بقدميه ويديه وانفه وصدره، وإذا جلبوا له السرير كاملا فلن يستطيعوا نقل الأجهزة الاخرى، وتبين القصد، وتبودلت النظرات وعلى الاهل المفجوعين التصرف سريعا، وتصرفوا، ودفعوا وجاء وزرق الطفل المختنق بالإبرة، والبركة بابو فلان، هكذا علنا وتحت سمات وأجواء التقوى وخصوصياتها.. وغير بعيد عن زاوية ومجال نظر وزارة الصحة. هذه جزئية في المشهد العراقي الورع والديني والمستكثر للخيرات، والمستدعي للنحيب على الإسلام، والأكيد انه لا منصف في العالم لم يأسف ولم يحزن على مصير دين عظيم لحقه كل هذا التشويه وعلى يد مسلمين، فهل عجز عن التأثير بهذه العقول ليغرس فيها الرحمة والمحبة؟ ام انها العقول المغلقة التي لا ينفذ اليها شعاع إنساني؟؟ وبدا السياسي وكأنه (جاهد) لكي يصل الى المنصب والثروة والتحكم بمصائر الناس، وان الدين, في حقيقته, بلا اي جذر في داخله، وان سنيته وشيعيته دروب ووسائل لإشباع نزواته وان الرموز التي يلهج بها تتراجع وقد يرفسها اذا اعترضت طريقه، ولذا فان حركات واتجاهات فكرية ارضية قد يكون لها تأثيرها اكثر من تأثير الاسلام ببعض مدعيه، وهاهي الوجودية بشقيها الملحد والمؤمن اكثر حضورا وتجليا في سلوك وتصرف بعض المثقفين، والاكيد انه لم يصل الانسان الى هذا المستوى من التفكك والضياع والوحدة كما العراقي. وكانت ابسط الثقافات والمعارف والاعتبارات ستوفر الشعور بالجدوى وباحترام الذات في حين بدا الإسلام بلا تأثير, ووجدنا كائنات معتبرة بكل المقاييس وقد تساوى قولها وبولها، اذ لم يعد للمجتمع من اهمية . فجوهر القيم ,الدين، قد شوهه ومسخه وامتهنه دعاة الاسلام وعاثوا به فسادا واظهروا صورته مضرجة القسوة والكراهية والدم والجشع فاخذ فيه ابو (فلان) لقبه المقدس ولا يزرق الطفل المحتضر بالابرة بلا رشوة، واخذ فيه مسؤولون كثيرون دورهم في خدمة ذواتهم، (وليشوروا) بهم الصالحون على ما هم فيه، فقد تبين كذب كل شيء، ولهذا فان الغيارى على الاسلام معنيون بتدارك هذا الدين العظيم من محنته التي اوقعها به الجهلة ومرضى الكراهية ومن أوهموا أنفسهم أنهم انما كانوا يجاهدون للاسلام وللمسلمين ولإعلاء كلمة الحق، فوقع الإسلام في اكبر محنة.
|