لو استعار العراقي عيون أوربي ونظر بها إلى نفسه لهاله ما يرى، ولوجد القبح, والبشاعة بما كان يحسبه نورا وجمالا...ويكفي ان يرى في المدرسة بديلا للابوين, اكثر رقة وعطفا وحنانا وتعاملا تربويا... بل ان المدرسة قد ترسم منهجا للتعامل مع الطفل اذا كان ابواه كبيري السن.. والقائمة تطول ويصعب على العراقي تصديقها.. فعليه تصديق انه امام ملائكة الرحمة في المستشفى.. وأمام الوزير ذاته في الوزارة وان كل أجهزة الدولة على أهبة الاستعداد لتلبيه حاجاته وطلباته. في مجلس لأكاديميين ومثقفين كبار من كربلاء اقنع بعض الحضور بأنه وكما قيل بان العرب ظاهرة صوتية ينجز فيها السياسي, مثلا, كل برامجه وأهدافه بالكلمات والخطابات فيصرف ويبدد طاقته بالصوت فلا يبقى له منها ما يساعده على إماطة الحصاة عن الطريق.. فانه يمكن القول بان العرب ظاهرة دينية طقوسية تنفق وتبدد كل ورعها وصلاحها وتقواها واعمارها للارض والجنة بتعبداتها وطقوسها فلا يبقى لديها غير الطمع والجشع والكراهية والفجور...دون ان تكف عن مظاهر الخشوع ومخافة الله.... وقد مارس ذلك المجلس الثقافي عملية تنفيس وتطهير ورددوا قصائد للجواهري في هذا الباب ومقولات اخرى. وهنا, فالظاهرة الصوتية تتضافر مع الظاهرة الطقوسية, اي مع من اوهموا انفسهم بان الدين قيام وقعود وطقوس وليس معاملة وطهارة للقلوب واعمار للارض والانسان ....وتظافر فعاليات الصوت ستتجلى في حشد التقولات والافتراءات والصاق البدع هنا وهناك, بل وتدوين المصحف ذاته حسب النيات والمصالح ...وعثروا قبل سنوات على مقبرة للمصاحف المنحولة, المزورة ..في اليمن .. وبذا اسهم السطحيون الضحلون في تشويه الإسلام وهم راضون عن انفسهم ويحسبون انهم حملة لواء الإسلام, بالطقوس لا بالأفعال التي اسست الاسلام واشاعته في مختلف بقاع الأرض... بينما يتفق كل المهاجرين الى اوربا على ترديد القول القديم بانهم وجدوا غاية وهدف وحلم الإسلام في تلك المجتمعات...وان لم يجدوا مسلمين.. فهناك يتصرف الإنسان كانسان, ويحترمون الإنسان لإنسانيته فشيدوا حياته وأثروها واتسع عطاءهم ليشمل الإنسانية... وربما كان العراقيون, نسبياً, هم الاكثر طلبا لتلك المجتمعات قليلة الكلام وكثيرة العمل والإنسانية. ثمة دول أوربية أقامت المجتمعات المكتفية السعيدة.. والتي تمنحهم ما تمنحه وتقدمه لمواطنها, وبما اثار سؤال العراقي هناك عن مصادر ثروات تلك البلدان.. أصابتهم الدهشة عندما عرفوا انها قياسا للعراق وكأنها بلا مصادر ذات شأن.. ولكنها استثمرت ما لديها وانتشر في العالم وأقامت المجتمع السعيد الذي باتت جموع (الطقسيين الورعين) يكافحون ويبحثون ويتفننون للوصول الى تلك البلدان والصلاة على ارضها... ويعترف احدهم انه طفح بالايمان وادى الصلاة بتجلي وتوحد وبقلب سليم في تلك البلاد الاوربية التي استوطنها ووجد دون ان يدري انه حج بيت الله مع عائلته مرات كثيرة وتذوق انتمائه للانسان والانسانية ويتضرع مع كل حج وصلاة ان يهدي الله متديني العراق ان يحبوا بناء الله: الانسان... وان يشعر بالحياء اولئك الذين يملكون ارصدة في بنوك اوربا بملايين ومليارات الدولارات بعدد جياع العراق ومضاعفاته وبما يساوي ميزانيات دول.
|