تروي الحكاية الخرافية أن هناك من مات لا لثوان ودقائق وساعات, بل لعشر سنوات كاملة، توقف قلبه وكل أجهزته الحيوية، وتييس وتخشب, ثم تفسخ وتعفن وزكمت رائحته الفضاء والفضائيات، ومع ذلك يتحدثون عنه كما لو عن كائن حي. العراق بالذات الكائن المعطل القلب من أكثر من عشر سنوات، بلد لا عضو فيه يعيش على نفسه، كل شيء من خارجه، وإذا كانت هناك دول متخلفة وبدائية إلا انها تعيش ببدائية، وتنتج ببدائية إلا العراق يستورد حتى حجر الحمام وماء الشرب، ومن دون ان يثير هذا الوضع احداً، لا السياسي ولا المواطن وكأن الجميع في غفلة أو إغفاءة أو خدر، والأكيد أن حالة بهذه الخطورة مرسومة ومقررة ولها برامجها وغاياتها وليأخذ المغفلون استحقاقاتهم. لم يطلع علينا سياسي ببرامج وخطط للتوعية والتثقيف والترفيه ووضعنا في إيقاع وروح العصر، ولا وعدنا بإعادة الصناعة والزراعة وفعاليات الإنتاج في غضون شهور ليثب بعدها خطوات عملاقة إضافة والبناء، على العكس، ظلت لغة المتخلفين المثقلة بالكراهية تواصل صب لعناتها وتبرير التعطيل والإلغاء. إن موتا يدوم كل هذه السنوات لهو موت ابدي، ولا أمل في سياسي هذا الموت أن يبعث الحياة من جديد، والأكثر ان هذا النموذج قد الحق العار في مرحلة طال موتها، ولذلك يتطلع العراقيون إلى من يحمل في جعبته وقلبه ووجدانه برامج عمل وخطط بناء أشبه بالمعجزات تعادل فضيحة الموت كل هذه السنوات وتبشرنا أنها وبسنوات قلائل تقيم المعجزة التي تتفوق على ما اجترحته بعض الشعوب من معجزات. أثبتت الانعطافة في التوجه السياسي في مجال انتخابات مجالس المحافظات إن الوعي يتنامى وان المواطن لم يعد من البساطة والبلادة فيقنع بالشعارات والايحاءات والغمزات الطائفية، وعرف ان الدين معاملة ومحبة ودعوة للبشر إلى النموذج الذي يثري ويصلح الحياة الإنسانية، وانه لا بديل لدولة المواطنة وللعالم المتفاعل إنسانيا، وانه لا اخطر من العزلة والكراهية في عالم القرية الصغيرة. هل يتبارى السياسيون هذه المرة ببرامجهم الانتخابية في الثقافة والصنـــاعة ومناحي الإنتاج ..؟؟ لسان حال المواطن يقول للسياسي ان يحتفظ بتقواه وتدينه وطائفيته مع الله ويقدم للناس ما ينتظرونه منه، والأكيد ان روحه الدينية و(الطائفية) والعشائرية ستنعكس وتشع من عمله، فهل سيمحو السياسي موت عشر سنوات, كسابقة في تاريخ الدول ونشهد المعجزة التي يستحقها العراقي؟؟
|