لأن الفوضى قد طال امدها, ولأن المواقع الوظيفية قد اسندت لغير الكفوءين ولمن لا ينتظرونها ولا يتوقعونها، فإن الدولة لم تأخذ بعد شكلها المعروف ولا كان للسلطة حضورها الفاعل وتوصل الناس, مبكرا, وبعفوية انه لا احد في الدولة يدري بأحد، وقد انتجت هذه الفوصى اكبر درجات الفساد. لا وجود لوزارات تملأ عناوينها، فلا وجود لوزارة صحة، ولا وجود لمن تسأله ويجيبك، وهذه المستشفيات وكل المؤسسات الصحية في حالة بائسة, من حيث الخدمات المقدمة للمرضى اولا وبما انعكس حشودا من المراجعين للمستشفيات والعيادات الخاصة وجشعها المعروف. هل زار من مسؤولي الصحة تلك المستشفيات والمؤسسات الصحية ؟؟ هاهي الايام تمضي ومعها الاسابيع ومرضى الامراض المزمنة لم يحصلوا بعد على ادويتهم من العيادات الشعبية، وكانوا من قبل قد شككوا بمدى فاعلية وصلاحية ما يستلمونه من تلك الادوية، وشكت بعض المراكز الصحية من قلة ادوية ومستلزمات الاسنان, بل في مستشفى اليرموك كلها جهاز واحد فقط لفحص القلب (ايكو) فهل افتقر العراق الى هذا الحد, ام لأن هناك سبباً مضافاً يتعلق بسرقة الادوية والاجهزة؟. يقال ان وزارة الصحة افضل من غيرها من حيث عدد الكفوءين وذوي الضمائر والراغبين بخدمة مواطنيهم، الا انهم مقيدون ومحاطون بالمعوقات والمعوقين، فهل وصل الامر الى ادوية الامراض المزمنة؟؟ لقد انتهى الحال الى فئة من الاطباء صارت لهم انياب ومخالب, وفئة اتسعت عيونها للخارج والى الهجرة وفئة تعاني عجزها وقيودها ومعوقاتها، فكانت الخدمات الصحية المزرية، بعد ان كانت قبلة المراجعين من كل الدول العربية. عشر سنوات والرأي العام, وعبر الصحافة، نشكو, ونستغيث ونحث على الرحمة والشفقة وتذكر الله في الفقراء المرضى، الا ان احدا لم يجبنا ولم يرد علينا لا من مجلس الوزراء المشغول بمشاريع البناء الكبرى, ولا من مجلس النواب المهموم بامتيازاته ولا من وزارة الصحة ذاتها التي وجدت الحل بغلق اذانها وعدم قراءة الصحف، فأي رمي قصي وهجران للمواطن مع آلامه ونحيبه وضراعاته؟.
|