تعد ( منظمة المرور الدولية) التي يرمز إليها اختصارا بالحروف الثلاثة (م.م.د)، من بين أكثر منظمات المجتمع المدني على مستوى العالم فعالية ونشاطا، فمنذ تأسيسها في 16 شباط 1994 في العاصمة اليابانية طوكيو، تطوع للعمل فيها قرابة 86 ألف شخص من الجنسين، وهذه المنظمة التي تحظى بدعم واسع من الأمم المتحدة، استطاعت أن تؤكد حضورها الميداني الفاعل، وان تفتتح 7 فروع جديدة خارج اليابان !. يصعب الإلمام بعمل هذه المنظمة ، فهي تدرس أنظمة المرور في شتى بلدان العالم، وتراقب حركة السير ، وترصد طبيعة المخالفات وتلاحظ (عدد ونوعية) الشوارع الداخلية والطرق الخارجية ، هذا غير التعرف على عدد الجسور والأنفاق وجسور المشاة، ونسبة الشوارع الى السيارات ، والسيارات الى السكان .. الخ ، ثم تقوم برفع التقارير والإحصاءات الرقمية وتقديم المقترحات المناسبة . لقد أسهمت هذه الجهود في تخفيف الاختناقات المرورية والتقليل من حوادث الطرق وحالات الدهس وغيرها، وإذا كان من الصحيح أن عراق الشموخ والإباء لا يسمح لكائن من يكون أن يتدخل في شؤونه السياسية او المرورية ، فمن الصحيح كذلك ، انه وافق على التعاون مع هذه المنظمة التي قامت مشكورة بإرسال وفد يتألف من 24 عضوا لمساعدتنا على معالجة الأوضاع المزرية في عموم البلد ، وقد توزع الأعضاء على 4 محافظات هي بغداد والحلة والتأميم والناصرية ، في ختام مهمتهم التي استغرقت شهرين قدموا تقريرا مفصلا مشفوعا بالتوصيات كانت اغلب فقرات التقرير معروفة ومشخصة من مديريات المرور العراقية ، منها على سبيل المثال ، الاستيراد العشوائي للمركبات بصورة لا تتناسب مع قدرات الشوارع الاستيعابية ومنها الافتقار الى جسور المشاة والأنفاق ، ومنها القطع غير المبرمج ، والمفاجئ للطرقات، ومنها كثرة السيطرات غير المبررة وانشغال بعض أفرادها بهواتفهم الخلوية او أحاديثهم الخاصة إلى غير ذلك من الأسباب التي تجعل المواطن يصل إلى دائرته بعد ساعتين على بدء الدوام !. الأمر الذي بدأ فهمه عصيا على أعضاء الوفد ، هو ان نسبة لا يستهان بها من الشباب والمراهقين ، الذين يقودون مركبات حديثة بالقرب من ثانويات البنات والكليات ، ومعاهد المعلمات والتجمعات النسوية كانوا يتقدمون بمركباتهم الى الأمام ورؤوسهم الى الوراء، ولهذا كتب الوفد في تقريره الى المقر الرئيس في طوكيو، ما مفاده (توجد في العراق ظاهرة لم نجد لها تفسيرا ، حيث لاحظنا أن المركبات تسير وحدها من غير ان يكون للسائق اي دور ، لأنه طوال الوقت ينظر الى الخلف !) ، وقد أثارت هذه الملاحظة العاصمة اليابانية وحولتها الى جهاز كومبيوتر الذي لم يتردد في الإعلان أن العراق بفضل التفتح الديمقراطي الذي يتمتع به ، في طريقه الى اختراع مركبات ذات حساسية عالية ، يمكن ان تقطع الشوارع في المستقبل القريب من غير سواق ، ومن يومها والعلماء اليابانيون يحاولون معرفة السر الخفي وراء هذا الاختراع العظيم .
|