الكريم السخي لا يلوم الكريم ولا يتهمه بالتبذير والسفاهة ...وليس لليابس البخيل ان يعيب على نضيره الحرص والتقتير ...ومن السخرية أن يهزأ الأكول النهم بذاك الجائع الذي ابدى قليلا من الشهية ... وليس لسارق خزانة الذهب ان يدعي الشرف والنزاهة والعفة أمام من سرق قطعة ذهب من الخزانة ...وقدمت التجربة السياسية العراقية درسا جليا وخطيرا في هذا المجال ,على الأقل عبر العنوان الطائفي ..وتكشفت طائفية الكثيرين ,وثمة من اعترف انه تفاجأ هو ذاته بطائفيته ...وكان الاعتراف سيستكمل نضجه وشجاعته لو برر طائفية نضيره من الطائفة الأخرى ...فإذا كنت طائفيا إلى هذا الحد لماذا تعيب علي طائفتي ؟؟؟و..الم يكن من الأجدر بنا ,جميعا, أن نغتسل ونتطهر من هذا الدنس ؟؟؟ ها ان تجربة ما بعد التأسيس الأمريكي للطائفية تفضح الطائفيين..فبأي منطق يدين احدهما الآخر وينعته بالطائفية ؟؟ثم ...بأي منطق يمكن الزعم أن الإسلام دين سلام وتعايش البشر ويمكن ان يقيم العدالة والديمقراطية والرخاء في الأرض؟؟؟ كل الآراء والتحليلات النفسية والاجتماعية تضع الطائفي في خانة المرضى وممن ينهشهم الإحساس بالنقص وتتآكلهم الكراهية ...وان آخر ما يعنيهم ,في أعمق أعماقهم الحرص على المذهب ... وسط هذا الإعصار الطائفي وطغيان صخب الغوغاء بزغ رجال وانبروا للتبرؤ من هذا المرض وبدافع يتضمن الحرص على الطائفة ذاتها وإبراء ذمتها من ممارسات تنكرها ... ومن شهادة تتبرع بتقديمها واعتراف صريح منها بكل ممارسات واقترافات الطائفة الأخرى...فطائفيتك تبرر طائفيتي ...وبالعكس.. وجرد بالعواقب الطائفية وتبويبها وجدولتها تؤكد ان هناك من بلع الطعم ومن كان أداة بليدة لدمار شامل ..مثلما تؤكد أن الدولة ثرية برجال دولة ...وقد وقف المجلس الإسلامي لإفشال محاولة تشويه المذهب الشيعي مما يراد له ,ثم ..حرصا على وحدة العراق ونصاعة نسيجه الاجتماعي وبهاء ألوانه ... وحمية للعراق وتأكيد نضجه وحضارته وثقافته ودخوله عصر العالم الديمقراطي...وأصر على مبدأ المواطنة ,وليس غير المواطنة ... فبدا طرحه آنذاك مثل محاولة إيقاف العاصفة بكف اليد ,او إيقاف نهر دجلة بحصاة ..الا ان ما يفعله البسطاء في الأزمان الماضية قد أكد ان الحصاة فعل فعلها , فرمي كميات من الحصى في دجلة فتعلق بها الأطيان والرمال على مر الوقت وترتفع وتغدو أرضا بارزة تتسع وتكون صالحة للزرع ... وهذا هو الذي كان لموقف المجلس الإسلامي الأعلى.لهذا كانت خيبة الطائفيين وغيضهم من قادة كانوا أوفياء لمذهبهم وللعراق ولقيم الإنسان والعصر...والأكيد ان المنتفعين من تجارة الطائفية سيلعبون كل أوراقهم للحؤول دون سيادة مبدأ المواطنة لأنهم لن يخرجوا عرايا فقط..بل ان يعرضوا جلودهم للسلخ ..
|