يمكن إضافة تعريف للإنسان ,من وحي الواقع العراقي ,هو انه الكائن الساعي الى السلطة ..وان حياته نزوع لإمتلاكها ,,امتلاكها بصيغ شتى ..امتلاكها بشكلها الواضح السافر ..السياسي ...او عبر عناوين وتسميات وأقنعة لا حصر لها ...سلطة عائلية ..عشائرية ..دينية ...مالية ..معرفية ..وقد يهتدي المرء الى التواضع والزهد ليحصل على تأثيره وأهميته في حياة الاخرين ...وهذا يعني انه ينزع الى ان يكون له وجود فاعل عندهم ..برضاهم او بدونه ..
أقدم واخطر الأقنعة للاستحواذ على السلطة تلك التي تتقنع بالسماء وبالمقدس ...وكانت الحروب دامية وقاسية بينها وبين الفريق المباشر والدنيوي الساعي إليها ...ودائما ما كانت النزاعات والخلافات والحروب الوحشية هي التي قامت على قوة حقيقتين ..بين فريقين ..بين طرفين يؤمن كل منهما ومتيقن بدوافعه واسبابه ومبرراته ..وستعمل المنافع والوعود والتطلعات والثمار التي تسطع عن بعد على مضاعفة العزم وابتداع الشرعية على تلك المجهودات ..وان العاطفة تضع النير في عنق العقل لفلسفة الاستيلاء على السلطة ...وشرعنتها..
علماء النفس أفاضوا في هذا النزوع ..ووجدوا فيه محاولة لتجاوز الشعور بالنقص..والتوق الى القوة ..ومنهم من ذهب الى الأبعد ...ولكننا نتريث عند من يريد ان يكون أساسيا في الحياة ..وربما هي من أقوى المحاولات للتحايل والزوغان عن الموت ...والأكيد هناك من تماهى مع هذا الشعار السماوي او الأرضي واندفع لا بعيدا عن الموت بل الى الموت ذاته الذي يحمل له الخلود ...فهي خدعة بمستوى الوجود ...وتمضي مع الفرضية الى منتهاها ...
الدنيويون يؤازرهم ويزودهم بالحماسة ان الدنيا في اليد ..وقائمة الآن..والآخرة وعد ..ولعل بعض الناس من مختلف الأديان اذ يتضرعون الى الله ويطلبون الخير فان نياتهم تنصرف الى الدنيا أولا ...فهم يحبون العاجلة ...بينما يقف مع الدين كل حقيقة الوجود والكون..والدنيا محطة عبور ..وميدان عمل للآخرة ..دون نسيان الحق من الدنيا ...ولهذا فالصراع بين الطرفين هو الأكثر خطورة ..وتبقى للسلطة المباشرة ,بمعناها السياسي شديدة الإغراء ..وقد تجرجر وتسرق وتزحلق القطب الديني المتبتل ..بتزلف الحاكم والقائد والإمبراطور للكاهن وسيد المعبد ورجل الدين ..وهناك من رجال الدين من الشجاعة والإيمان فاعترفوا بلحظات ضعف وهم ينعمون بزيارات الجنرالات ..والحكام الطغاة ..فكادوا يستميلونهم ..فالسلطة مغرية وخادعة وقد توسوس للناسك المتعبد..وتصرفه من سلطته الروحية .
من يستطيع ان يبصر البشرية ,ويقشط القناع الملتحم بالوجه والكيان ويفرز الدين عن نزوع السلطة ؟؟.
|