يتفاءل الطيبون مع من هم في الشقاء ويخادعون أنفسهم بان العراقيين سينعطفون او ينقلبون ويثورون على أنفسهم وينتخبون الأكفأ والأصلح والأكثر وطنية وتضحية ونزاهة ,,وسيختارون ممثليهم في البرلمان بعيدا عن المعايير الطائفية والمناطقية والعشائرية ...وبدون ان يسمحوا لأنفسهم بالتأثر بأي مؤثر لا يمت للمعايير الناضجة والحضارية فضلا عن اعتبارات احترام الذات ... هذا تفاؤل لا يخلو من تبسيط ومن مجانية ,ويغفل عوامل كثيرة ومن بينها الموروث الفاسد وتلقينات الطفولة وذاك النقش على الحجر ودخول ثقافة الأزمان الماضية في قوام وتكوين وطبع الشخصية ..بل ...عجزت الثقافة والتحصيل الدراسي العالي والتجارب الثرية في المجتمعات الأوربية عن محو ما جبل عليه العراقي من مفاهيم وميول وقناعات ..وان مهندس الروح والأكثر غورا في خفاياها ودهاليزها :الأديب الشاعر المبدع قد يشطب على كل عظمته وإبداعه, وأسئلته الوجودية ويترك لتلقينات الطفولة ان تنزلق وتحضر وتؤثر في سلوكه وخطابه ...وللمرء ان يتصور الإنسان البسيط مع خرافاته وجهالاته وثوابته البلهاء ...دون نكران ان بين البسطاء من يتمتع بوعي فطري واتجاهات سليمة ... نتفاءل عندما يختار الناخب السني مرشحا شيعيا وبالعكس بدواعي موضوعية وبصرف النظر عن الطائفة فهل سيحدث هذا بسهولة ؟؟ثمة مرشحون على قدر رفيع من الفكر والثقافة والسيرة المشرفة والكفاءة فهل ستؤشر أسماؤهم دون الالتفات لانتمائهم الطائفي ؟؟؟ الاحتمال ان العراقي أمام صندوق الاقتراع لن تحضر في وجدانه الأزمات المحتشدة منذ الاحتلال وأحالت حياته جحيما ..وقد يجد انه يختار طائفته (لان هذا ,وكيفما يكون أفضل من ذاك الذي من الطائفة الأخرى) وستقوده طائفيته الدفينة ونزعته المشوهة للانتماء الأصغر ومؤثرات أخرى لاختيار مرشح من طائفته وليس ذلك العلم في الفكر والثقافة والإدراك السياسي والإخلاص الوطني بصرف النظر عن طائفة ... بشرتنا انتخابات مجالس المحافظات بمقدمات من هذا الوعي وهذا الإنسان وان هناك من أدرك انه لا قائمة لوطن بلا مبدأ المواطنة ...ولا مستقبل لبلد مصاب بوباء الطائفية ...ولا ينتظر المجتمع غير المزيد من الفشل والخراب مع سياسيين يلهثون وراء منافعهم ولا يتورعون عن امتهان المقدس وتسخيره لتلك المنافع ... والأكيد أن هذا الوعي قد تنامى في هذه الفترة, ولكن هل بلغ ان يتقدم المواطن بثقة وشجاعة ويختار بعيدا عن المؤثرات الطائفية وليس فقط المفاضلة في نطاق الطائفة؟؟؟ وهل بلغ من الفخامة والطموح ان يختار العراق لا أجزاء منه هي مجرد أورام في كيانه ؟؟
|