قبل اكثر من ربع قرن كتب في تلك الصحيفة مقالا عن تجاوز على أملاك زراعية في قرية (الكصيرين) تقدر بآلاف الدوانم وكان الشيخ فواز السعدي قد أبدى استعداده لإثبات هذا التجاوز ,فيما تبرع الشيخ أكرم السعدي لمتابعة القضية والتفرغ لها . ولم تمض ايام وجاء الجواب ..وبعد شهور أعيدت آلاف الدونمات لأصحابها (باللزمة) . وكتب عن وزير الزراعة وعدم انتباهه لحالة بعض المزارع والحقول فكان الوزير الوسيم قد تربد وجهه وتشوه من القلق وشرع يبعث بممثليه الى الكاتب ويواصل اتصالاته التلفونية واستيضاحاته من الجريدة .. فقد اعتاد المسؤول في اي موقع وظيفي ان يتفاعل مع الصحافة ويجيب على طروحاتها... وقد نشرت إحدى صحف ما بعد الاحتلال ,وعلى رأس صفحتها الأولى واقعة إغماء احد أمناء بغداد في اجتماع مجلس الوزراء آنذاك بعد ان وجه بمقال منشور في صباح الاجتماع في تلك الصحيفة يحمل نقدا على أداء الأمانة ..وكان عليه ان يجيب الجريدة ومجلس الوزراء .. وهكذا كانت العلاقة بين الصحافة بصحفها المحدودة جدا وبين اجهزة الدولة ... اليوم.. الصحف كثيرة ويصعب عدها وتسميتها ومثلها الفضائيات والإذاعات ...الا ان القناعة التي سادت واستقرت انه ( لا من يقرأ ولا من يسمع ولا من يجيب) وها نحن نواصل ومنذ الاحتلال توجيه ملاحظاتنا ونقدنا لدوائر الدولة ولا من أشعرنا انه انتبه وقرأ ... ووزارة الصحة مثالا ...بالعكس ...وبدل ان ننتظر تلفون الوزير والمدير ومندوبهما عمدنا للاتصال بإعلام الوزارة ننبههم للاطلاع على الصحيفة وما جاء فيها عن وزارتهم والى ان تحول هذا الاتصال غير المجدي ,والمهين , بمثابة ممارسة ماسوكية لتعذيب الذات وتجسيم المأساة وهذا الإهمال او الاستهتار بصحة المواطن وهذا (الطرد) للأطباء ووضعهم أمام خيار واحد : الهجرة ...وتحمل الباقين على قلتهم زخما غير معقول يصيب الطبيب وبأيام بأمراض الشرود والغيبوبة وبالدوالي لقلة النوم وكثرة الوقوف والمشي ...ليرغموا على اللحاق بمن سبقوهم الى المهاجر... والنتيجة؟؟؟ النتيجة أرغمتنا على اقتراح إلغاء وزارة الصحة بكل عامليها ومبانيها وحتى حجارتها وإنقاذ العراقيين من الازدحام على أبواب العيادات والمستشفيات الخاصة في الداخل والخارج.. للسياسي المتسبب في هذا الانهيار للمؤسسة الصحية غير المعلن ان يطلق ويرمي أطنان الشتائم والقباحات على مرحلة ما قبل الاحتلال الا ان واقع الصحة اليوم يعرفه ويعيشه المواطن ,بل ويعترف به ,بلا قصد, هذا السياسي وهو يقصد العلاج في اوربا وربما على يد طبيب عراقي مهاجر ...فما التعليق المناسب وما التسمية المناسبة ؟؟ لعن وشتم لمرحلة بما تستحقه ولكن البديل الصحي كما نراه ونعيشه ...ما اسمه؟؟
|