ـ 3 ـ نوهت في الحلقة السابقة الى ان سبب استدعائي من (عدي صدام ) الى مقر النقابة ، هو من اجل ان اكتب مع مجموعة زملاء آخرين ، افتتاحيات (بابل) بحيث يقدم كل واحد منا افتتاحية واحدة في الأسبوع ، كما ذكرت ان (عدي) لم يحضر بل أناب عنه ممثله الزميل عباس الجنابي ، وقد حاولت الاعتذار عن الكتابة ولم ينفع اعتذاري بعد أن ابلغني الجنابي غاضبا ، إن أمر الأستاذ الفاضل يجب تنفيذه !!. اقسم بالله إنني لم اكتب في حياتي الصحفية مقالات بائسة و تافهة كتلك التي نشرتها في جريدة بابل ، فقد كنت مسكونا بالخوف ، ولا ادري ما الذي يغضبهم او يرضيهم ، ولهذا استعنت بزميلي وصديقي الكريم الدكتور هاشم حسن، وطلبت منه أن يقرأ أولى مقالاتي ، ويخبرني إن كان فيها اثر من آثار اللون الأحمر ، لكي اطليها باللون الأخضر !!. قرأ الرجل مقالتي مشكورا وقال لي بالحرف الواحد (المقالة كل شي ما بيها، بس إذا يريدون يفسروها مثل ميريدون كل شي بيها، وماكو احد يشفع لك !) ، ربما كانت تلك الملاحظة الهاشمية ، هي التي دفعتني أكثر إلى أن اكتب ما لا يضر ولا ينفع !!. الغريب ان لعبتي لم تمر على (الربع) ، فقد اتصل بي احد مندوبي عدي ، واسمه (سلام) على ما أظن ، وطلب مني الحضور إلى مقر النقابة ، وذهبت في الوقت المتفق عليه والتقيت الزميل الإعلامي سلام الذي اخبرني التالي (الأستاذ الفاضل يبلغك تحياته ويقول : هذي مو كتابات حسن العاني في النقدية الساخرة ، أريد منه يكتب بقوة على الحكومة والمسؤولين ، مثل ما يكتب بالصحف الأخرى !) ترى ماذا يريد مني عدي ، وما هي المصيبة التي تنتظرني ؟ في لحظة صفاء ذهني ، وشجاعة نادرة لا تأتيني إلا مصادفة ، قلت لنفسي (تعددت الأسباب والموت واحد) ، وطرحت عن كاهلي مبررات الجبن والخوف ، وكتبت مقالة (قوية) تتماشى ورغبات عدي وإلحاحه ، وكان ظاهرها إدانة الوزراء تحميلهم معاناة البلد ، وباطنها إلقاء التبعة بالكامل على صدام حسين ، وتم تنضيد المقالة ودفعها إلى الطبع لولا وصول عدي إلى الجريدة ليلا وطلبه إحضار الافتتاحية (مقالتي) ليطلع عليها ، فإذا به يأمر بسحبها على الفور، ويدفع افتتاحية بديلة عنها ، لقد فطن (الأستاذ) إلى ما يختفي وراء السطور ، وهكذا اتصل بي احد مندوبيه ـ ربما نفسه الزميل الإعلامي سلام ـ في اليوم الثاني وطلب مني الحضور مساء إلى مقر النقابة !!. يا لتلك الاستدعاءات ومحنة الحضور التي لا تنتهي ، وهكذا ذهبت في الموعد المحدد ، وقام المندوب بتسليمي المقالة منضدة على ورقة وقال لي (الأستاذ الفاضل يبلغك تحياته ويقول :صحيح اني ردت مقالات قوية ، بس مو هالثخن) !!. ومع قناعتي الأكيدة أن عبارة (الأستاذ يبلغك تحياته) هي في المرات كلها من تأليف المندوب من باب المجاملة والأدب والاحترام ، ولكن المضحك المبكي ، ان مندوب عدي نفسه كان مستغربا من موقف (الأستاذ الفاضل) وتقلباته ، وكانت النتيجة هي إرباكي وحيرتي ، وكيف يجب ان اكتب لكي يرضى الأستاذ وانجوا برأسي ، ولذلك عزمت على اتخاذ قرار مصيري خطير هو اقرب الى اللعب بالنار ، سيكون موضوع الحلقة الأخيرة.
|