وهذا اعتراف يتوجه الى المنقب والباحث والمؤرخ والاثاري وأي من لديه فضول المعرفة والرغبة بالإنصاف ويتعلق بالأدب والثقافة والأديب والكاتب ومن أصابته لعنة الثقافة في عصر الفوضى والأمية وصخب الكراهية ..هذا العملاق يعترف بأنه لم يعد يكتب حتى الكتابات البسيطة لأجل اكتشاف العالم ولامتلاكه بالمعرفة ...ولا للذة الإبداع والخلق ولا ليشعر بأساسيته وإنسانيته بالكتابة ..بل ,وبكل بساطة ,ليحصل على أجور توفر له لقمة عيش هزيلة وعلب الدواء و........وانه في الوقت الضائع للقراءة والاهتمام بالمقروء وفي الرمي الأخير لسياسيي الصدفة لأجورهم البائسة على من هم في النزع الأخير من الحياة ومن الكناية ومن المشاغل الثقافية ...فهذا وقت عراقي دخل فيه الكاتب نطاق الاستثمار ..يستثمره سياسي الصدفة متى كان مربحا ويدر مردودا ..وهو استثمار ملائكي قياسا لاستثمار الجوع والعري والتشرد وانهار الدم ...وان مجرد تظاهر هذا الجزار بعدم احتقار الكاتب هي علامة تسبق الآتي من إعلان هذا الاحتقار...ولذلك سيلتئم الآتون من الأجيال مناقب أسى وبكاء على مثقف عصر الطائفية وساسة الصدفة ..ونتاج الفوضى المقصودة لخلق هذا الواقع ...المثقف عين ترى ..وسياسي المصادفة ومن لا يتوفر على ابسط المعارف والمدارك لا يستطيع ان ينظر الى المثقف باعتبار واهية وان رآه تمنى لو فقأ عينيه فاللص والقبيح لا يحب من يرقبه ويراه ..فكان حاله في حقبة الطائفية في الحضيض ..بل...وان المريض بين المثقفين أسهم أيضا بيأسه وتعاسته ..اي المثقف الذي صوب كل كراهيته للمنافسين له في الثقافة ...إنما الأهم ان الهواء لا يصلح لحياة وتنفس وإبداع الكاتب بلا ضرب من المعجزة ...فمن يمتهن الدين ويلحق به وبطوائفه كل ما جرى سيكون هذا حال المثقف في حقبته..والأكيد انه الآن في النزع الأخير قبل مصيره كخرقة يرميها سياسي الغفلة...ولكنها كافية للمنقبين والباحثين والمؤرخين وعلماء الاجتماع ليعرفوا ويروا الكاتب وهو يكتب لا لمجد يأمل به من قراء تلفهم الفوضى الخلاقة بل للحصول على قوت يومه ...تجاوزت المجتمعات والسلطات في البلدان المتقدمة حتى شذوذ وقرف وسلوك المبدعين ..ولم تتوقف حتى شطحاتهم الثقافية ومواقفهم السياسية لأجل مواهبهم وكتاباتهم وإبداعاتهم ..بل وعندنا من يمتثل فلاسفة تماشوا مع هتلر ..والسياب غير بعيد في لعابه السائل من زوايا فمه إلا ان المبدعين في تذوق الأدب وإنتاجه لم يروا في السياب برجا شامخا لا يمكن تبين ملامحه البشرية بينما ضمرت الأسماء المبدعة مع أميي السياسة وطائفييها ..فهل تحظى الأجيال القادمة بأثر من كتاب ومبدعي الحاضر الطائفي ..ام ان هذا عكس المنطق؟ وان من يمتهنون الدين ولا يخجلون من طائفيتهم يتفضلون على المثقف بتركه يعيش ولو كشحاذ .
|