لا ضير من تجديد الترشيح للبرلمان لأي نائب سابق يجد في نفسه القدرة على البذل والعطاء والكفاية في الانتخابات القادمة, ويكون مؤهلاً في التصدي لمشاكلنا الموروثة والمتجددة والمكتسبة, لاسيما أن الحلبة التنافسية مفتوحة للجميع, ولا اعتراض على تجديد الترشيح لمرات عدة, فقد سبقهم غيرهم إلى صناديق التجديد, وتكررت أسمائهم في دورات متتالية, حتى صار بعضهم من الملتصقين بمقاعد المجلس, وربما أصبحوا من الثوابت المتأصلة في التشكيلة البرلمانية, فتباينت مؤشرات أنشطتهم بين القوة والضعف, وبين الخمول والتألق, فاخطأوا وأصابوا, وحضروا وغابوا, إذ سجل بعضهم حضوراً متميزاً, وتفاعلاً إيجابياً في جلسات البرلمان, في حين لاذ البعض الآخر بالصمت المطبق, ولم يكن له أي دور بارز, وسجل آخرون غياباً متكرراً وتخلفاً متعمداً عن مواعيد الجلسات. من هنا ولدت فكرة مطالبة الراغبين بالتجديد, من الطامحين للاحتفاظ بمواقعهم البرلمانية, أن يواجهوا الناخبين الذين انتخبوهم في الجولة (أو الجولات) السابقة, ليعلمونهم بانجازاتهم المتحققة, ومواقفهم الشجاعة في الذود بالدفاع عن حقوقنا الوطنية, وحبذا لو يسجلوا منجزاتهم, ثم يعرضونها على عامة الناس في لوحات مفصلة, يستعرضون فيها تجربتهم البرلمانية, وما قدموه لنا من منافع ومكاسب وفوائد, فيسجلوا مآثرهم وفعالياتهم الوطنية, ويوثقوا مساعيهم الحثيثة في هذا المضمار الوطني, حتى تتضح لنا الحقيقة كاملة من دون رتوش, ومن دون شعارات ولافتات وملصقات يغلفون بها الساحات والشوارع والأرصفة. تبقى مسألة في غاية الأهمية, وهي, لابد لنا من معرفة فيما إذا كان النائب الراغب بالتجديد من ضمن الذين صوّتوا بكلمة (نعم), أم من ضمن الذين قالوا (كلا) للامتيازات البرلمانية التقاعدية الخرافية, التي اعترضنا عليها جملة وتفصيلا, واعترضت عليها المرجعيات الدينية الرشيدة على اختلاف توجهاتها الفقهية. ختاماً نقول: نحن دائماً نقف بقوة مع الذين يقفون معنا, وندعم الذي لا يخذلوننا, ونشد أزر الذين يتفاعلون مع قضايانا المشروعة, ولا نؤيد الذين تكبروا علينا, وآثروا العزلة في قصورهم المخملية الفخمة, ولن نمنح أصواتنا للذين تجاهلوا مطالبنا, وتنكروا لنا, وتسببوا في تعطيل شؤوننا وتأخير خططنا المستقبلية. فمن عاملنا بالرفق غنم, ومن عاملنا بالعنف ندم, ومن وضع نفسه مواضع التهمة فلا يلومنَّ من أساء به الظن. وليعلموا أن خير الناس من نفع الناس, وخير البرلمانيين من نفع الفقراء والمساكين وأن المؤمن لا يُلدغ من جحرٍ مرتين
|