ابطال وذيول الانظمة السياسية وقردتها بارعون في تسويغ اجراءات وسياسات انظمتهم ,وقد يتفاجأالاخر بمنطقهم وزوايا نظرهم ويعترف السامع المنصف بقوة ذكائهم وباهتدائهم لنقاط وجوانب لم تخطر لهم على بال ...فمنطق الاتباع والذيول والمبررين لا يقنع ولكن يقدم زاوية للنظر مبتكرة ...وتذكر بان الانسان وحده الذي يعالج حماقاته وانحيازاته وجرائمه بتبريرها وتسويغها وحتى فلسفتها ,ليس فقط ليرضى بنفسه بل لمداركه التي لم تتسع لغيرها ... اخر التسويغات والتبريرات في مسيرة البشرية نراها في حقل سياستنا وسياسيينا ..فيحيلون الاخطاء والمفاسد التي ضجت بها الارض الى حداثة بعض الرجال بالشأن السياسي والاداري وفي اتخاذ القرار ...وينسون ان المواقع القيادية ,خصوصا في البلدان النامية,تأتي دائما للرجل لاول مرة ,وليس لاحد ان يهيء هذا التبرير للاخطاء ويرى الملك العراقي والزعيم عبد الكريم قاسم ولكل الزعامات اللاحقة لحداثة تجاربهم ولمباشرة المسؤولية لاول مرة ... ولكن النزاهة تتعلق بالتربية والطبع وقوة المباديء وعمق وصدق الايمان بالله ..بل ان التصدي للعمل القيادي ,يبدو وكأنه يصدر عما يشبه الغريزة ..لا تحتاج الى دروس وتعليمات وتمارين للموهوبين بالمزايا القيادية..وهاهم رجال التاريخ في اممهم وشعوبهم يأتون من حقول بعيدة ويبدأون العمل القيادي ويغدون مدارس وامثولات ...وان التجربة العراقية تتميز في صعوبة تبرير ممارسة بعض سياسييها ...فالفساد وضياع كل هذه السنوات والثروات وفرص البناء والتقدم لا يمكن تبريرها فقط بحداثة التجربة على البعض وغشامته في السياسة ,وجهله في توحيد الشعب ...ولهذا يذهب المتشائمون بان مايجري مرسوم بالكومبيوتر ومحسوب بدقته وان العراق والمنطقة سهم واحد ينطلق الى غايته ولا يمكن ايقافه:التفتت والهزال والبؤس وبيد ابنائه يمضون الى حتفهم وهم يبتسون لانفسهم متل اطفال في ارجوحة والاكيد ان منطق التبرير والتسويغ يلقى ازدهاره بين العقول البسيطة والبعيدة عن الفكر والثقافة وبعيدة عن الفلسفة التي تبدأ فعلها باستبطان الذات والغور في خباياها وتضاريسها المظلمة ومواجهتها بالحقيقة ولا تعمد للدفاع الكاذب والتبرير والتجميل وتسمي الاشياء باسمائها . فهل هناك قصد وتصميم على الاتيان بنماذج سياسية مجبولة على النهب والاستحواذ والتفرد وعلى من هم الابعد عن المواهب القيادية وصولا لتجزيء وتفتيت الواحد وبنزوع ثابت للالتهام والتدمير والى حد استهداف الذات لشطرها . ..واللوحة معروضة لمن يريد ان يرى ويعرف الحقيقة والغاية المرجوة وستكون احد اعراض متخلفي السياسة التبرير..فهذا لا يعرف النزاهة فاخطأ واضاع ما اضاع ..وذاك تشظى وتناثر لانه دشن العمل لتوه ...وحتى تلك الجهة فان لانشطارها وتضادها مع بعضها تنطوي على حكمة ولكن لا يفهمها سوى منتجي الحكمة.
|