إحدى عشرة سنة أعقبت الاحتلال ، كفيلة ان تعلم العراقيين أدق التفاصيل عن هوية النظام السياسي، وتجعلهم على معرفة تامة بمعالم (العراق الجديد) ، لأنها مدة طويلة جدا ، نال فيها الشعب العراقي شهادات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه، بحيث يستطيع اي فرد منهم أن يحدثك بثقة عالية وهو مغمض العينين عما سيجري في هذا الموسم او في هذه المرحلة ، قبل حلول الموسم وقدوم المرحلة !!. وعلى العموم فهناك نوعان من المعلومات الميدانية التجريبية المكتسبة ، النوع الأول عبارة عن مشكلات مستمرة متواصلة على مدى الأيام والأسابيع والشهور والأعوام ، نذكر منها على سبيل المثال ـ وهو غيض من فيض ـ العداء الأزلي بين الحكومة والبرلمان ، ولهذا العداء صور ثابتة لا تتغير ، منها : فقدان الثقة إلى ابعد الحدود بين الطرفين ، ومنها عدم التحفظ في توجيه الاتهامات القاسية وتبادلها على وسائل الإعلام علانية ومن دون حرج، بحيث ان رئيس الحكومة يصف رئيس البرلمان بالمتآمر على الدولة ، في حين يصف رئيس البرلمان رئيس الحكومة بالدكتاتوري والمتفرد بالسلطة ، وهناك بالطبع العديد من المشكلات الثابتة على مدى الإحدى عشرة سنة كأزمة السكن والكهرباء والبطالة و ... وسلسلة الزرقاوي والقاعدة وداعش والإرهاب ، فقد أمضينا عقدا كاملا من السنوات ، وبدأنا مع عقد جديد وأعمارنا أوشكت على النضوب ولم تنته حكايتنا مع العبوات الناسفة واللاصقة والمفخخات وكواتم الصوت والملثمين الذين لاذوا بالفرار !. اما النوع الثاني من معالم العراق الجديد الذي حفظه الشعب عن ظهر قلب فانه مرحلي او مؤقت ، بمعنى انه يظهر في مواسم معينة ثم يختفي وكأنه انفلونزا الشتاء او حساسية الربيع ، وأفضل مثال له هو الانتخابات ، فمع كل موعد انتخابي تسبق الموسم ملايين الدعايات والتصريحات والوعود الوردية، وتتغير وجوه المرشحين الكالحة العابسة الى وجوه طافحة بالود والابتسامات والديمقراطية والسخاء والكرم والهدايا بحيث نتعرض الى نوبة حادة من الخداع والفرح والأمل .. وهذا أمر أكيد .. وبعد كل موسم انتخابي لا يشعلنا شيء ، قدر انشغالنا بفضائح التزوير ، حتى ليشعر الواحد منا بالندم لأنه لوث إصبعه بالحبر البنفسجي ، وهذا أمر مؤكد كذلك!!.
|