يضيق المرء ويطفح كيله ويهتف بان من حق الاذكياء ان يتحكموا ويلعبوا بمصائر الاغبياء ...فالنتيجة كانت ما ارادوا وهاهي البلدان تقضمها وتلتهمها الفوضى ..وهاهو العراق نموذجا ..رسم له الذكاء النفعي واللئيم مصيره عبر برنامج دقيق وصبور يهدف من بين ما يهدف ان تتحول الشعوب من مجتمعات الى مجرد افراد متساكنين بلا اية روابط حميمة ومصيريةوان فقرة واحدة من منهج التدمير المنظم ,كالجوع مثلا ,تكفي لتمزيق اقوى المجتمعات ..فالجياع بلا اصرة عميقة الا باجسادهم ..والجائع كائن بيولوجي ينزع فقط للبقاء والديمومة وباي ثمن وقد تولى الحصار الامريكي هذه المهمة وبنجاح وصار العراقيون افواه تبحث عن طعام لا بشر يبحثون عن معناهم الانساني وعن حميميتهم مع غيرهم .. الخوف يفرق ويضخم الانانية وقد قاسى العراقي من الخوف بشتى ضروبه واشكاله ومصادره من حروب واوقات طوارئ ومن تملق يمسخ انسانيته الى انواع القلق فاكتملت بالفصل الاخير للاحتلال وانتزاع المتبقي من ايمان العراقي بالصواب والجدوى باعاصير التزوير والفساد وظهور الامثولات والقدوات المخزية وبما انتهى الى ان يفقد المجتمع قوة تماسكه ومن شعوره بالمصير المشترك وقلنا انه مكون من اناس متساكنين بلا ارتباطات والتزامات ..وبما اغرى واستقطب عناصر العدوان والشر والكراهية وطباع الغابة ..انه ساحة مفتوحة وخالية من اواصر المجتمع الطبيعي ..والفراغات الشاسعة بينهم تتسع لجيوش وغزاة وطامعين والطافحين بالكراهية..فقد بلغ البرناج التخريبي لنفسية العراقي غايته ..وان غياب الاحساس بالمواطنة وبالوطن قد تجلى ايضا في نماذج سياسية لا يمكن استيعاب حقيقة عدم احساسها رغم كل صخب وضجيج وصدمة العالم بما يجري في العراق من عنف وقتل ونهب وفساد ... الحقيقة تنقذ ...والافراد والشعوب تخلق نفسها بمعرفة الحقيقة ومواجهتها وعدم التغليس عنها وطمر الرؤوس في الرمال ..والحقيقة ان المنهج التدميري من عشرات السنين قد قصد ان يكون العراق بلا شعب فعال ,شعب بلا مقومات شعب معروفة بحيث محنة واحدة تكفي لانفجاره غضبا مثلما كانت من قبل محنة واحدة تكفي لتناثره اشلاء وبما يعني نجاح برنامج تدمير وثشويه الشعب العراقي ...وثمة من وجد ان الطائفية على سلبيتها وقبحهاقد اسهمت في تفسير التمزق الاجتماعي وضياع الانتماء لتشكل الطائفية علاجا لا واعيا ومشوها للتعويض عن الانتماء الاجتماعي والوطني ...فهل ثمة من يجسر على النظر الى وطنيته في المرآة ويرى الحقيقة لكي يعمل على انقاذ اجمل مجتمع واحلى وطن ؟؟
|