ـ 2 ـ أشرت في القسم الأول من هذه الخواطر، الى أن علاقتي مع السياسة عمرها (55) سنة، حيث بدأت وأنا طالب في المرحلة المتوسطة، وكانت تلك السنوات الطويلة مجموعة من الانكسارات والخيبات المتعاقبة، أورثتني الجوع وفقر الدم وانعكست نتائجها على أسرتي ، ولهذا راجعت نفسي مراجعة موضوعية ، وقررت الابتعاد عنها كليا، الى الحد الذي ما عدت اسمع نشرة أخبار او أتابع حوارا او أسأل عن نتائج، وان كانت نتائج الانتخابات، بعد وصولي الى قناعة شخصية ان السياسة عبارة عن كائن قائم على الدجل والكذب والتزوير، وكان البديل هو اللجوء الى لعبة كرة القدم ، أتابعها مع أحفادي ، وأتحمس لها كما يتحمسون !. اشهد ان متابعة (القدم) أراحت (رأسي) كثيرا من الهموم الخاصة والعامة على حد سواء، واكتشفت ان متعة (الحذاء) أرقى من متعة (الدماغ) ، وان العالم على حق عندما صنع حذاء ذهبيا للمتميزين، ولم يصنع قبعة ذهبية للمفكرين ، الا ان ثمة منغصات أجهضت متعتي ، في مقدمتها، ان العراق الغني، والذي تعاقب على حكمه أجانب وملكيـــــون وجمهوريون ووطنيون وعملاء ودكتاتوريون وليبراليون ومتدينون وأشراف ومدنيون وعسكريون ومثقفــــــون وأميون وحرامية، لا يمتلك ملعبا كرويا واحدا عليه العين بمستوى ملاعب راقية تمتلكها بلدان فقيرة ، على ان ما أزعجني اكثر عبر متابعاتي الكروية ، محلية وعربية وإقليمية ودولية ومونديالات وكؤوس عالم ، هو (سوء التحكيم) ، الذي بات ظاهرة مقلقة بسبب تفشــــي الأخطاء الفادحة ـ مقصودة وغير مقصودة ـ ومثل هذه الأخطاء تلاعبت بمصير هذا النادي او ذلك المنتخــــــــــب ، وغيرت النتائج، والمراكز بطريقة ظالمة ومجحفة، فهناك أهداف تلغى وهي صحيحة ، وأهداف تحتسب وهي غير صحيحة ، وهناك تسللات تعبر من دون صفــــارة ، وصفارات تعلو من دون تسللات , و(كارت) احمر يشهر على حالة بيضاء، وكارت يبقى في جيب الحكم على حالة حمراء، وهناك منتخبـــــات (صعدت) وكان يفترض من ان (تغادر) ومنتخبات غادرت وكان يجب ان تصعد .. وهناك وهناك !. الحقيقة اندهشت بعد اكتشافي ان حكام القدم يمتلكون سلطة مطلقة لا تقيم وزنا للقانون ، على الرغم من زعمهم أنهـــــــــم يطبقون القانون ، وأنهم اكبر من اي اعتراض، وبمقدورهم طرد اي لاعب على مزاجهم تحت اية حجة ، بينما كنت اعتقد ان مثل هذه السلطات ، حكر على رؤساء الحكومات فقط !! .
|