اقام المعهد الطبي الدولي (ومقره في نيويورك، ويعد من منظمات المجتمع المدني شبه الرسمي التي تهدف الى نشر الوعي الصحي في البلدان النامية ) مؤتمره الفصلي في بغداد ، وكانت المحاضرة الاولى من نصيب البروفيسور روجر الفضلي (وهو اميركـــــي من اصول عراقية) حول بعض المفاهيم الدارجة التي لا يدرك الناس معناها الدقيق، وقد بدأ الفضلي مع مصطلح (غير صالح للاستهلاك البشري) ، وحاول التمييز بينه وبين مصطلح (منتهي الصلاحية ـ اكسباير) ففي الوقت الذي تعني فيه مفردة اكسباير ، ان العلاج (س) مثل قطرة العيـــــن حالها حال اغلب العلاجات الاخرى ، لها عمر زمني محدد ، كأن يكون اسبوعا او شهرا او اكثر ابتداء من تاريخ تصنيعها ، وبعد انتهاء المدة المحددة طبيا ، يجب رمي العبوة ، لانها ان لم تضر وتكـــــون لها مضاعفات صحية فلن تنفع ، لان صلاحية الدواء انتهت ، ولان جمهور المستمعين جميعهم عراقيون ، والعراقيون ما عادوا يعيرون بالا لشيء ، وما عادوا يستوعبون قضايا الصحة والاقتصاد والتربية والتعليم والفن والحب والثقافة والصناعة والزراعة ، قدر استيعـــــــابهم للسياسة ، فهي حديثهم الصباحي والمسائي وفي الدائرة والشارع والمقهى وامام الفضائيات وعلى المائدة وفي سرير النوم (والبروفيسور يدرك ذلك كونه امريكيا) لذلك حاول تقريب المصطلحات اليهم عبر نافذة السياسية قائلا : ان الحكومة العراقية بعد الانتخابات مثلا ، اصبحت منتهية الصلاحية ، لان مدة سلطتها انتهت ، وقــــــد لا تضر ولا تنفع ، ولكنها بعد شهرين او ثلاثة او اربعة على انتهاء صلاحياتها تصبح مضرة بالتاكيد ، لكونها تتحول الى اداة معطلة لعجلة النهوض والعمل والحياة ، ولذلك لابد من التخلص منهــــا بأسرع وقت و (ابدالها) بحكومة جديدة ، تماما كما نستبدل عبوة القطرة !. ثم انتقل الى مصطلح (غير صالح للاستهلاك البشري) ، واوضح ان المراد بهذا المفهوم يعني احد امرين ، اما ان هذه المادة الغذائية مخصصة اصلا للاستهلاك من قبل كائنات اخرى غير البشـــــــر ، او ان المواد الداخلة في صناعتها تؤدي الى ايذاء الانسان ، ولكي يقرب الفكرة الى الاذهان استشهد بالدستور مثالا على ذلك ، لان بعض مواده خربت العملية السيــــــــاسية ، وبعضها الاخر اشبه بالالغام كما وصفها لاكبار المسؤولين العراقيين على حد قوله ، ولذلك لم يعد صالحا لبناء دولة او بناء مستقبــــــــل ، وحين حاول الانتقال الى مصطلح ثالث اعترض عليه الغيارى واوقفوه عند حده ، وقالوا له بصريح العبارة : يا مستر روجرز انت مثل جماعتنا تحاول تسييس كل شيء ، حتى قطرة العين ، ولابد انك تخدم اجندة اجنبية !.
|