لا أريد بعنوان هذه المقالة اي بعد سياسي او قانوني ، وأنما قصدت الإشــــــــارة إلى أمر عرفته الناس منذ عهود بعيدة ، وهو التصرف بهذه المفردة او هذا القول او المثل او البيت الشعري ، لأي سبب ربما لإيصال رسالة او لأغراض المزاح ، وربما لقصــــــــد سياسي او اجتماعي .. الخ ، وكلنا يعرف كيف تم التصرف ببيت الشعر المشهور ( ومـــــــن لم يمت بالسيف مات بغيره ـ تعددت الأسباب والموت واحد) ، ولعلكم في غنى عن ذكر البيت بعد التلاعــــــــب ببعض مفرداته ، ولم يخرج هذا التحــــــــوير عن دائرة الضحك والتسلية !. يوم كنت طالبا في ثانوية الكاظمية العام الدراسي (1956 ـ 1957) كان الشيوعيون قادة الحركة الوطنية يومها قد تصرفوا بكلمات أغنية عاطفية ذائعة الصيت في تلك المرحلة ، وهي (خاينين الوعد) ، وجعلوا منها ذات مغزى سياسي مباشر (خاينين الشعب) ، كنا نرددها بكثير من متعة الشعـــــــــــور بالوطنية وروح التحدي ، على الرغم من أنني في حينها كنت طالبا في الصف (الأول متوسط) ، واصغر عمرا من ان افهم في الوطنية او السياسة زيادة على كوني مجنونا بحب الملك فيصل الثاني ، اما الآن وأنا اقف على مشارف السبعين فأصبحت مجنــــــــــــونا بحب نوري سعيد باشا والنظام الملكي ، ولو دار في خلدي يومها ان المقصود بخاينين الشعب هم الملك نوري سعيد والنظام الملكي ، لما ارتكبت حمــــــــــاقة ورددت تلك الأغنية مع الطلاب !. واعتقد جازما ، ان أبناء جيلي ، ومن بلغوا من العمر سنا يقارب سني ، يستذكرون جيدا كيف وقف احد الزعاطيط في (محكمة المهداوي) عند محاكمة رجالات (العهد البائد) ، وكأنه يقف في سوق لبيع الماشية ، وتصرف بقصيدة الشاعر الكبير احمد شوقي الخاصة بالأطفال (انظر لتلــــــــــك الشجرة ـ ذات الغصون النضرة ) وحورها او تلاعب بألفاظها فأصبحت على النحو التالي (انظر لتلك البقرة ـ ذات القرون القذرة) وهو يشير بيده الى احد المتهمين ، واعتذر عن ذكر التحريفات الأخرى ، لأنها لا تقل إساءة وخدشا للذوق !. على أية حال فان التصرف ليس حكرا على جيل او عهد او مرحلة او عبارة او لفظة او مثل او قول مأثور او بيت شعري ، فقبل أسابيع قليلة سمعت في سيارة (الكيا) مجموعة ركاب يتحاورون بطريقة مازحة حول الانتخابات وتشكيل الحكومة حين حور احدهم المثل الشائع (تريد أرنب اخذ أرنب ، تريد غزال اخذ أرنب) قائلا (تريد معارضة صير معارضة ، تريد حكومة صير معارضة) ، وضحكنا جميعا حتى السائق المنشغل بالقيادة صاح بأعلى صوته : بروح أبوك تعيدها !!.
|