الاطفال يملكون العالم ..وتلك الطفلة باعوامها الثلاثة كانت مع ابويها في سوق الخضرة عندما امتدت يدها الصغيرة لسلة التفاح وتناولت تفاحة ..فانتبه الابوان وانتزعاها منها وشرعوا بتقريعها عن هذه الفعلة المعيبة ..وهي بالطبع لا تعرف ما يقال لها ,ولماذا تعاد التفاحة الى سلة البقال ...وتفاجأ الابوان برجل يتبعهم وينحني على الطفلة يضع التفاحة في يدها ,وكان واضحا انه البقال ..فرفضا واعتذرا عن فعلة الطفلة وعن قبول التفاحة ,الا انهما اذعنا بامتنان امام اصراره وكرمه وصدق اخلاقه ...وحملهما وشحنهما بالتفاؤل والثقة بالناس والحياة ...وتمنى الاب لو يهتف بحياة الوطن... وفي ساحة من ساحات العاصمة تباطأ الرجل بسيارته امام الصيدلية ,الا انه واصل طريقه فلمح ان شرطي المرور ربما سجل رقم سيارته ,فاستدار من الساحة اللاحقة وركن سيارته في مكان مناسب وتوجه ماشيا الى الشرطي فاكد له انه,فعلا, سجل عليه مخالفة ...ولكنني لم اتوقف ...؟؟ادفع غرامة ...فقال له المواطن بانه يتذكره من سنوات في ساحات اخرى وكان مثالا في التعامل والنزاهة ومعالجة الحالات ,فما الذي جرى له؟؟وهل من طلب؟؟قال له ان نزاهته لم تكن مجدية ولم تحقق له شيئا...فاذهب واجلب كارت موبايل بخمسة الاف فقط وينتهي الامر...وانتهى الامر بان اكتسى العالم بعين صاحب السيارة بالغم والكدر والسخام وفكر بالرحيل وطلب الهجرة... وفي ذلك الزقاق ما زال الرجل امام بيته ,ينظف الرصيف ويشذب الزهور وتزوغ عيناه الى المارة يقرأ ويتحسس انطباعهم مما يفعله ...فينفلت من تلك الجماعة في نهاية الزقاق ويترك النقاش في الامور الطائفية ويؤشر لهم ان الاكثر وطنية وايمانا بالله والاكثر جمالا هو ذلك المنغمر بسعادته لانه يوفر احساسا سعيدا وودودا لاناس لا يعرفهم وقد لا يلتفتون له ,الا ان قلبه هو بالذات يلتفت ويغمره الجمال ولا طائفي من يتذوق الجمال ,فتلك من نتاج القلوب الضيقة القبيحة ... وكانت نقطة السيطرة بلا زحام وكان العسكريون يتنفسون الصعداء,فلم يتمالك احدهم نفسه واندفع في ملاطفة طفل بين اهله في السيارة ...ومد يده واخرج الحلوى يقدمها للطفل ويمزح مع عائلته ..فانتبهوا جميعا الى انهم قطعوا السير وباحدهم يتقدم منهم قائلا انه يعيش اجمل زحام واخف تأخير ويتمنى لو يضم الى قلبه كل رجال السيطرات الامنية ...وتشكل المشهد الاحتفالي السعيد الطافح بالعراق ... وغير بعيد كان رجال امن يداهمون بيتا يهب اهله ويرتبكون ...وينسطلون ويعرفون على الفور انهم من طائفة معينة ...وينفجر فيهم الندم لعودتهم ,توا, من ذلك البلد الاوربي... وتتعدد المشاهد والمعاني والغايات من بؤس وزحام المستشفيات الى عطل وفساد وعائلية الدوائر..الى اولئلك الذين يؤولون ويفسرون وينفذون الاشارات والاحداث والوقائع الى ما يخدم عدوانيتهم وتصريف لطفح شرورهم ...مقابل مشاهد ووقائع المسالمين المحبين الكبار دائما ,الاانه لا صوت لهم بين ضجيج وصخب الدهماء.
|