اعتقد ان العرب هم الأمة الوحيدة التي تعاملت مع التاريخ بطريقة خاطئة او مقلوبة إذا جاز التعبير ، فبدلا من ان تكون وقائعه وإحداثه وحوادثه عبرا للحاضر ودروسا للمستقبل ، أصبحت تلك الوقائع والأحداث حافزا للفرقة بين أبناء الأمة ، ودافعا لخلافاتهم ، ذلك لان العرب لم يعملوا على تجاوز أخطاء الماضي ومشكلاته وظروفه ، ولم يعملوا على الإفادة ، من تلك الأخطاء لإصلاح حاضرهم ، وعاشوا القديم بتفاصيله ، ونسوا أنهم أبناء اليوم والساعة .. ولهذا بقي العرب الأمة الوحيدة التي أتعبها تاريخها ولم تغتن ب هاو تفيد منه او تتعلم ! والأمر لا يتعلق بالتاريخ البعيد وحده ، بل هذا هو الموقف نفسه من التاريخ القريب ، ماذا أخذنا من تجربة نوري السعيد او عبد الكريم قاسم في الحكم وما هي الدروس التي طلعنا بها من انقلاب شباط والى اي مدى وقفنا وقفة تأملية من سياسة الحزب الحاكم والتفرد بالسلطة وإلغاء الآخر ، وغير ذلك عشرات الأمثلة المستمدة من تاريخنا الحديث التي لم نلتفت اليها ولم نعرها بالا ، وربما كان أكثر تلك الأمثلة إيذاء على العراق ، هو تمسك صدام حسين بالكرسي ، انه الرئيس التاريخي الأصعب الذي لم نتعظ به ، مع انه وراء مصائب البلاد ، فهو وراء الحروب وآلاف الشهداء والدماء ، وهو وراء الاحتلال ونتائج الاحتلال المروعة . فقد صدام شرعية الاستمرار بقيادة البلد ، يوم فقد شرعية تمثيل الشعب ، ولو لجأنا الى مصطلحات المرحلة الراهنة لقلنا انه خسر 90% من قاعدته في الوسط الشيعي ، وخسر نسبة أعظم في الوسط الكردي ، ولم يكن حظه أوفر في الوسط السني ، خاصة بعد ان اعدم او اغتال او أقصى كبار رموزه ، ليس ابتداء من العالم راجي التكريتي والشيخ عبد العزيز البدري والدكتور رياض العاني ومحمد محجوب الدوري ، وليس انتهاء بشكري صبري ألحديثي ومحمد عايش ومحمد مظلوم الخ كان صدام يستغل منطق الأشياء وهو يتذرع انه (رئيس منتخب) وكان لا احد يعرف هوية تلك الانتخابات ، وكان يصر على السلطة من دون الالتفات الى انه وراء الحصار وسلسلة الحروب والاضطهاد والكبت والحرمان والفقر ، وكان يصر وهو يفتقر الى ادنى تأييد محلي او عربي او اقليمي او دولي وكان يصر ضاربا عرض الحائط أصوات العقل والحكمة التي تدعوه الى التنحي وتجنيب الشعب والبلاد مزيدا من الأذى ، وضاربا عرض الحائط دعوات الخيرين لقبول فكرة اللجوء السياسي والعيش بأمان مع أسرته خارج العراق، وضاربا عرض الحائط تسليم السلطة سلميا الى قيادة مؤقتة مشهود لها بالاعتدال والاتزان ، تعمل على وضع برنامج انتخابي ينأى بالعراق عن الدمار والمجهول .. عشق السلطة هو الذي قاد الى الاحتلال ، فماذا تعلمنا من درس القائد الضرورة ؟! لم نتعلم ولم نتعظ لان الكرسي في بلداننا العربية يحجب الرؤية !!.
|