ربما تقتضـــي اللغة القانــونية لوضع تعريف مناسب لمفردتي ( لموظف)و(الحكومة) ،ولكني اعتقد ان هنالك مفاهيم عامة يمكن الركون اليها، في مقدمتها تحديد (التبعيات) فالموظف تابع للحكومة ، والحكومة وموظفوها تابعون للشعب،( لخدمته )، وتتجسد هذه المهمة في الأنظمة الديمقراطية من دون الأنظمة الديكتاتورية والشمولية التي تسعى بشتى طرق الالتواء والاحتيال والتعسف ، إلى تحويل (الدولة –الشعب) إلى موظف تابع يقوم على خدمتها !!!. أن الفرق الوظيفي بين الأنظمة ( التقدمية والديمقراطية )، وبين الأنظمة ( الدكتاتورية والاستبدادية ) ناجم اساساعن طبيعة الوصول إلى الحكم ، ففي هذه الحالة الأولى يكون بلوغ السلطة بأساليب ( شرعية أخلاقية ) ، لعل رأي الشارع والانتخابات وصناديق الاقتراع هي ابرز وجوهها ،وهذا في العادة هو ما يصطلح عليه في الأدبيات السياسية بالحكومة المنتخبة ، اي القادمة من صوت الناخب وارادته وقناعته ، لكي تعبر عن مصالحه وطموحاته المشروعة ، وعليه فان بقاء مثل هذه الحكومات رهن بغطائها الشرعي ( الشعب ) ، وشرعية الحكومة رهن بمدى التزامها بتقديم نفسها ( موظفا جيدا وخادما امينا) لتطلعات الناس ، اما الحكومات المنبثقة من رحم الانقلاب على السلطة من اجل السلطة ، فلا تمثل الا نفسها ولا تعبر الا عن مصالحها واطماعها، وبقاؤها من عدمه لاتقرره الشرعية الشعبية بل( شرعية ) القوة والبندقية ، ومن هنا فان شرعية صدام حسين كان يقررها الحرس الخاص مثلا، وشرعية الطالباني تحددها قبة البرلمان ، كونها تمثل ارادة الناخبين ، ومن هنا كان صدام ينظر الى انشاء جسر او بناء مجمع سكني او توزيع دجاجة ضمن مفردات البطاقة التموينية على انه ( منة –بكسرالميم وتشديد النون )ولاغرابة بالتالي ان ( يعير ) شعبه بانه كان يمشي حافي القدمين وانه عرف الحذاء على عهده ، بينما لانفترض ولا يجوز ان نفترض في اية حكومة انجبها الشعب على انها تتعامل معه باسلوب ( المنه والمنية والفضل والتفضل )، فهذا هو واجبها الدستوري والقانوني والديمقراطي والاخلاقي والخدمي ازاء مواطنيها الذين اوصلوها الى السلطة ، وهكذاتتحقق عمليا فكرة ( ان الحكومة موظف لدى الشعب ) ولكن السؤال الكبيرالذي يطرح نفسه هنا: هل من واجب الشعب ان يتوجه بالشكر الى حكومته الديمقراطية ؟ وهنا علينا احالة السؤال الى مرجعيته الاولى : هل يجب تكريم الموظف –وهو يتقاضى راتبا-على اداء عمله الوظيفي الاعتيادي؟ الجواب المنطقي هو ( لا)، لان شرط التكريم عو الاتيان بجهد متميز او استثنائي ، كما ان شرط ( التانبيب)يرتبط بالاداء المتدني ، وبخلاف ذلك –اي في ظروف العطاء الطبيعية –لا يجوز ( التكريم والثناء) ولا يجوز ( النقد والتأنيب )، وهل الحكومة سوى موظف لايصح نقده إذا لم يكن مقصرا كما تفعل بعض اجهزة الإعلام مع الأسف، مثلما لايصح الثناء عليه اذا لم يقم باكثرمن واجبه كما يطلب بعض المسؤولين من الإعلام مع الأسف الشديد!!.
|