من يحافظ على هدوئه , ويمسك باعصابه ازاء هذه الشحاذة التي تميل على المرأة في محل القصابة تسألها عن سعر كيلو اللحم.. وعندما تجيبها, تتظاهر بأنها تحدث نفسها بحسرة (بنفسي كيلو لحم ..)؟؟؟ الشحاذة تتشهى كيلو لحم ... تتمنى الحصول على كيلو لحم.. انها شحاذة المجتمع المفكك والاكثر فسادا, ووقت البلد الذي من بين ساسته من لم يعد المجتمع ليعينه ويلتفت اليه ويحترمه خارج الكلمات.. وقت ظهر فيه بشر لاعلاقة لهم بغير انفسهم واجسادهم .. بدءا بسياسي ظفر ببغيته , فبلغ العالم كله بغيته , فهو سعيد .. وانتهاء بشحاذة بلا كبرياء ولا حياء , ولا وجود لمن تحترمه وتخشى رأيه .. شحاذة هي مجرد جسد , ومجرد كائن في مجتمع غريب ..(ويا مغرب خرب).
يشكو الشباب في الفضائيات من تفكك المجتمع ومن ضمور علاقاته واواصره, وتدني اعتباراته.. ويندب الاكبر سنا حياة على هذا القدر من البرود والتباعد والقطيعة... وان سؤال جيل الوقت الطيب قبل أكثر من نصف قرن عما يحول بينه وبين مواصلة تلك الحياة الطيبة , يصاب بالحيرة , ويعترف انه لا يدري, وقد تقول الجدة الطيبة بأن الوقت قد تغير حتى بمعناه الزمني .. معنى الساعة .. كأنه قد تسارع .. أو تناقص .. وما يكاد النهار يطلع حتى ينتهي.. لا وقت للزيارة والتواصل .. كأن الوقت قد ابطل هذا التواشج والحميمية والتلقائية.. لا ادري .. ربما هناك شيء في دواخلنا او خارجنا قد تغير.. والنتيجة هذا التفكك والبرود وحذف نظرة المجتمع من الاعتبار, وبدأ الناس افرادا وليسوا كيانات في نسيج اجتماعي .. والانسان بلا مجتمع عرضة لأنواع من التوحش والضراوة.. ولا يعود الى انسانيته ولا يقترب من الملائكية الا في المجتمع.. وان المجتمعات السليمة السوية تحترم المجتمع وتخشاه أكثر من احترامها وخشيتها لاحكام القضاء.. وذاك هو الذي يرغم الاوربي لمغادرة منصبه إذا قصرت وزارته في واجبها احتراما لرأي المجتمع .. وحفاظا على نظرته له.
جهلة السياسة لا يدرون ان المهمة الاولى للحكومات ان تعيد حياكة ونسج المجتمع على نحو امتن وأقوى وأجمل وان تجعل من كل عراقي وقد احتوى وضم في حناياه كل وطنه.. وقد كانت سنوات ما بعد الاحتلال كافية لإنجاب وخلق مجتمع مدهش جيء به من كل الاعراق والاديان والمذاهب والالوان في الأرض.. في حين ان الحاصل, ليس فقط التفرقة بين الأخ واخيه, بل افراغ الفرد من كبريائه وحيائه واجتثاثه وقطعه من نسيجه الاجتماعي .. وقد تجسد في الشحاذة مثلما تجسد في الواقع الذي لم يره بعض السياسيين.. وفي ثمرة الزقوم من خراب وفساد .. وماذا بعد ؟؟؟. |