سوف ترد في اثناء الحديث مفردتا (الحكومة والمعارضة) من باب الافتراض وتبسيط الصورة وتقريبها الى القارئ، لان الحكومة والمعارضة في العراق كما هو معروف شقيقتان موحدتان متشابهتان، لا تكاد تميز إحداهما عن الأخرى، وكأنهما يا سبحان الله (توأم)، ولولا الاختلاف المظهري في تسريحة شعرهما لاختلط الأمر على الناس ووقعت في حيص بيص، لان كل شيء فيهما متشابه تماما، الطول والعرض والوزان ولون العينين والبشرة والخدود الوردية والأنامل الرقيقة والابتسامة العذبة، وطريقة النوم والجلوس والكلام والضحك على العباد! نائب كبير من المعارضة، أشهر من نار على علم، لا يرى في البرلمان الا كما يرى العراقيون هلال العيد، سألته احدى الفضائيات عن سر غيابه المستمر، واسباب تنقلاته المتواصلة من هذا البلد الى ذاك، فرد عليها ( في الحقيقة انا اخدم بلدي من الخارج، واسعى الى نقل هموم الوطن في المحافل العربية والاقليمية والدولية، واسعى الى كسب التأييد والدعم له سواء في زياراتي وتنقلاتي، ام عبر لقاءاتي بالرؤساء والزعماء والملوك، واعتقد ان وجودي في الأردن مثلا او امريكا او لبنان او البرازيل او السعودية، اكثر نفعا واعم فائدة من وجودي تحت قبة البرلمان)!! ونائب كبير من الحكومة، هو الاخر اشهر من اسد بابل، هوايته المفضلة هي الظهور شبه اليومي على شاشات التلفزيون، حتى اطلق عليه البعض لقب (مدمن الفضائيات الديناميكي)، ويراد بالديناميكي كثير الحركة والتنقل بين الاحزاب من اليمين الى الوسط الى اليسار، ثم من اليسار الى الوسط الى اليمين، وقد وجهت له إحدى الفضائيات يوما السؤال التالي (انت تطل دائما على جمهورك وعلى المشاهدين، وتتحدث طويلا، وتطرح أفكارا كثيرة، ولكن لم يسبق ان رأيناك يوما في البرلمان، ولم يسبق أن سمعناك تحاور او تناقش او تعترض او تطرح فكرة او مقترحا، فكيف تفسر سيادة النائب هذه الحالة الغريبة؟!) رد على السؤال بالجواب التالي (انا من النواب الذين لا يغيبون الا نادرا وعند الضرورة، اسجل اسمي في سجل الحضور، ثم اجلس في كافتريا البرلمان ساعات وساعات وانا احاور واناقش، واقدم عشرات الافكار، وعشرات المقترحات، مقتنعا قناعة تامة انني اخدم جمهوري وشعبي في جلسات الكافتريا، لأنها في تقديري اكثر نفعا وجدوى من الجلوس تحت قبة البرلمان ) ! لابد من الاعتراف والإقرار، ان سبب السعادة التي ينعم بها العراقيون، مردها الى الخدمات الجليلة التي يقدمها أعضاء البرلمان من الخارج او في الكافتريا !!
|