للديمقراطية في العالم مظاهر شتى، ولا تقتصر بالطبع على صناديق الاقتراع، لأنها تدخل في كل مفصل من مفاصل الحياة الاجتماعية والتربوية والسلوكية والسياسية ، ولان العالم المتحضر على وجه التحديد ، يقدس الديمقراطية ، ويدرك مدى اهميتها ، فقد شرع لها جملة من القوانين لكي يحميها من الاعتداء على حرمتها ، او تجاوز ثوابتها ، نحن في العراق بلد ديمقراطي، ولكننا لسنا بلدا متحضرا، ولهذا تعرضت ديمقراطيتنا الى الكثير من الأذى والاستخفاف والاهانة، واخطر انواع الاذى هو الذي صدر عن الطبقة السياسية ، والتي تعد المسؤول عن حماية الديمقراطية ، مثلما تعد الأنموذج الذي تحتذى به الناس !. لاحظوا معي .. ما مر يوم من دون ان يدوخ رأسنا احدهم بتصريح حاد او غريب او غير معقول ، او على الأقل لا يعبر عن إي نوع من أنواع الدراية او المعرفة او الإحساس بحجم المسؤولية .. وكأنهم يعانون من جوع شديد للتصريحات ، او بحث عن النجومية في رؤوسنا ، ومع ذلك لابأس في هذا التلوث البيئي الذي يسمم السمع والبدن ، ولا بأس ان يتحدثوا فيما يعرفون ولا يعرفون ونحن نتحمل قرفهم وعنترياتهم ، ولكن ان يملأ وجه الواحد منهم شاشة الفضائية ، وهو قائد بارز في التنظيم ، او رئيس حزب او كتلة او تجمع او مسؤول رفيع المستوى ، ويقول كلاما يقيم الدنيا لا يقعدها ، ومن شأن هذا الكلام ان يؤجج المشاعر القومية ، او يحرض على الطائفية وقد يدعوا الى الحرب الأهلية بصورة مباشرة او غير مباشرة وقد ... وقد ... وبدلا من ان يعتذر في اليوم الثاني ، وان الذي صدر منه (زلة لسان) ، او انه لا يقصد بكلامه كذا ، بل كذا ، ويرجو ان لا يساء فهمه وانه ضد التعصب القومي والديني والمذهبي ، وضد قوى الظلام كلها ، التي تعمل على ايصال العراق الى اتون حرب اهلية ، اقول بدلا من هذا الاعتذار والتصويب ، يلتزم صاحبنا الصمت ، وتأخذه العــــزة بالأثـــم ، وينظر الى نفسه على انه فارس بني عبس !! الأدهى والأمر ، انه اذا حاول الاعتذار ففي أحسن الأحوال يكلف نائبه او احد أركان حزبه ، او النــــاطق باسم تنظيمه لكي يؤكد للمواطنين الكرام ان تصريح الرئيس او الزعيم او القيادي في التنظيم ، هو رأي شخصي ، يعبر عن وجهة نظره ، ولا يمثل رأي الكتلة !! اية نكتة تشبه المسخرة ، واي ضحك على الذقـــون ، وأي عذر للناطق هو ( أقبح) من ذنب المسؤول نفسه ، وأي كلام مقرف هذا .. بل وأية ديمقــــراطية عرجاء هي التي تقود البلد ؟!
|