على حين غرة وبدون سابق انذار، سخرت الولايات المتحدة الامريكية كل امكاناتها المادية والعسكرية وعلاقاتها الدبلوماسية لدعم العراق في حربه ضد الارهاب. للوهلة الاولى يبدو ان الامر طبيعي ولكن المتابع للسياسة الامريكية خاصة بعد انسحاب قواتها من العراق، يجد ان ثمة تناقضات كبرى في هذه السياسة، فبعد التجاهل الكامل لما يجري في بغداد ووضع الملف العراقي على رفوف النسيان في ادارة البيت الابيض والتفرج على ما يجري من احداث امنية وجرائم ترتكب يوميا ذهب ضحيتها مئات الآلاف من الشهداء والجرحى العراقيين، ينتفض الرئيس اوباما ويحشد دول العالم لمساعدة العراق في مواجهة الارهاب. ان هذا التوجه الجديد للادارة الامريكية يخفي في طياته جملة من المخططات التي ترتبط مباشرة بوضع الشرق الاوسط الجديد وسايكس بيكو التقسيم، والاهم من ذلك هو عزل ايران وتهميش دورها في المنطقة وخلق اسفين حدودي عراقي بين طهران ودمشق وبيروت. ان ما كشفته المصادر الدبلوماسية التي كانت متواجدة في مؤتمر جدة الذي عقد الخميس الماضي من معلومات خطيرة ومشروع امريكي سعودي لايجاد قواعد ثابتة لقوات (درع الجزيرة) الخليجي في جنوب وغرب الموصل والرمادي، اضافة الى حصر تواجد عصابات «داعش» الاجرامية في مناطق ديالى واطراف كركوك وصلاح الدين الشرقية مما يعني عزل ايران عن لبنان وسوريا وادخالها في مماحكات عسكرية وسياسية تبعدها عن توجهها في دعم واسناد جدار الممانعة ضد اسرائيل المتمثل بسوريا ولبنان والعراق، يؤكد صحة الهواجس والمخاوف التي تنتاب التوجه الامريكي. لذا يتوجب على القادة السياسيين العراقيين ان يعوا خطورة المواقف الامريكية المتسارعة وعدم الانسياق وراء شعارات البيت الابيض في محاربة الارهاب انسياقا غير مدروس يسمح من خلاله بتمرير ما تخطط له واشنطن والرياض على وفق نظريات التقسيم والتهميش وخلخلة توازن القوى في منطقة الشرق الاوسط، لان نتائج الدعم الامريكي ضد الارهاب لا توازي ما ترمي اليه الادارة الامريكية من مخططات آنية ومستقبلية لضمان أمن اسرائيل اولاً واخيراً.
|