ما نراه ,الان من حضارة وتقدم وسيادة مبدأ المواطن في المجتمعات والشعوب والدول الاوربية وغيرها ,لم يكن بلا مكابدات وخسائر ... لم يحدث مجانا ...وكانت مسيرة البشرية من الكهف والغابة الى ناطحات السحاب والتفاهم والعناق مسيرة شاقة ومخاض حروب طويلة ...ويبدو التعصب ومفاهيم البشر المتكلسة قد احتاجت للدماء الغزيرة لكي تذوب وتترك للضوء ان يصل العقول ... واذا توفرت الشجاعة لرؤية ان بين العرب من شكلت الطبقات والتكلسات فوق ادمغتهم ما يستحيل اختراقه بادوات ومفاهيم ولغة العصر ... فان اليأس يثب الى المقدمة ..والقحف الذي يحوي ويغلف الدماغ قد لا تخترقه الرصاصة ...ولذلك يعتقد المتشائمون انه لكي تتطور شعوبنا وتلحق بركب الشعوب المتطورة وتقيم دولة المواطن تحتاج الى اضعاف الحروب الاوربية لكي تصل وتلحق بها...فالتكلسات اكثر سمكا وعمرا ... وسيكون وقت الحروب والفواجع المتوقعة وجيزا قياسا لاوربا ولدول اسيوية ...فتلك كانت بعشرات ومئات السنين . الا ان هذا منطق من خارج العصر ,,ومن خارج المدارك العقلية ومن خارج المنطق ...ففي عصر التواصل والتفاعل والتفاهم بين البشر ,يبدأ الناس بمختبراتهم ومناهجهم وخططهم من اخر ما توصل اليه غيرهم والاستفادة مما سبقهم في المناحي المختلفة ... فمن لا ينتفع من عصره فهو خارجه ,وغريب عنه ويستحق ما يلحقه او يفعله بنفسه ...ويبدو العراق ,والمنطقة ,في مواجهة لمثل هذا المصير ... ولابد من سيول الدم واجواء الهول ,ومن الرصاص ليثقب الرؤوس لامرار الضوء الى الادمغة ..وتعي حجم خرافاتها وعفن تعصبها... اهو قدر دائم الا يصل البشر الى الصواب والحقيقة والخير بلا مكابدات وتضحيات ...ام هو قدر المغلقين منهم ممن لا يتفاعلون ولا يتحاورون ولا يعتبرون من الحياة والتجارب ولا يتعضون منها؟؟؟؟؟ وصفوا العراقيين بالتطرف ...وها ان الغضب قد دفع بعض المفكرين بالاعتراف انهم مصدومون بحجم تخلفه بعد ان ضجت الامداء بالرأي ان شعراء العراق بعدد نخيله وان مثقفيه بعدد شعبه ... فهل ينسحب طابع التطرف ليقرر بان العراق اما كله دهماء ومغلقون ,واما كله نخبة ..وانه دائما نخبة في كل المجالات ..الا ان امراض السياسة والسياسيين وفداحة الحسابات الدولية قد غمرته بالرماد .. وان هي الا حركة بسيطة ويقظة مناسبة ويتطاير الرماد وتبرز الجمرة المتقدة لشعب كله نخبة يثب بسلام الى العصر بدءا بدولة المواطن .
|