شيخ وقور من الناصرية يتوقف عند محل تجاري في الكرادة الشرقية, بغداد.. وينخرط في حديث مع شابين ويسود التفاهم والانسجام ويأخذ إعجاب الشيخ مداه عندما تقترب عدسة فضائية ويطلب إلى كادرها ان يصوروا مشاعره إزاء هذين الشابين الذين تعرف عليها قبل اقل من نصف ساعة وأشعراه فيها بأخلاقهم وطبائعهم وجمال تصرفهم الصادق والساحر.. ورأى كم من الرضى والتفاؤل والامتنان لله لوالديهما على هذين الولدين. قيل له انه بدعوته هذه وكأنه يحتفي بحالة نادرة.. وقد يوحي ايضا بعقوق اولاده ... فقال انه سعيد باولاده ..الا انه يفي أولاده ويحتفي بهم كلما احتفى بأمثالهم.. ثم أن المسن العجوز ليتفاءل ويساوره ان الحياة مستمرة ودائمة مع شباب يحترمون التجربة وكبر السن وبشعوره بابوتهم .. وكان صادقا عندما اراد ان يهتف عبر الفضائية ويعرب عن رغبته ان يكون هؤلاء أولاده .. وان يشعر ببركة كبر السن وعطايا الشيخوخة اذ يتذوق مكانته ومنزلته وامتيازه في عيون وقلوب الأبرار المتربين الجميلين ...ثم ..أليس هذا تجسيدا وتجليا لدعوة الإسلام بالعطف على الصغير وبتوقير الكبير وبإشاعة الود والتراحم والمرح بين الناس؟؟؟ بيد ان العقوق دائما ما كان موجودا... وما كانت الجنة تحت أقدام الأمهات إلا حثا وترغيبا بالبر بها.. وبلغ هذا العقوق ما عرضته الفضائيات عن آباء وأمهات معوقون ..بأيد وارجل مكسورة وقلوب محطمة لا نتيجة هجوم لصوص ومجرمين بل نتيجة قسوة ووحشية الأبناء ذاتهم.. (ابني هجم عليّ وكسر لي يدي.. وابني ضربني فوجدت أنني في المستشفى ...وابني قلع لي عيني ....والى اخر ممارسات ابليس ونموذج الشر والكائن الممسوخ) وان الاصل الطيب ليتجلى في البيت والشارع وكل زوايا المجتمع مثلما يتجلى الكائن القبيح المنبوذ المثير للغثيان ايضا ... ولهذا يتحمس أطباء النفس والمجتمع وإعلاميون ومثقفون لاعداد حملات وبرامج وطنية مكثفة في مجال الثقافة والتنمية الاجتماعية لترميم واصلاح العلاقات الاجتماعية تسهم فيها كل أجهزة الدولة .. فقد بات واضحا للقريب والبعيد ما بلغه التفكك الاجتماعي .. ووجدناه مجتمعا من المتساكنين لا من مواطنين ..وهو مجتمع يحلم به اي طاغية ولصوص سلطة: لا يمكن أن يجتمع ويتوحد.
|