على مدى التاريخ الحديث، لم ينشغل العالم باكتشاف أو اختراع أو نظرية، على كثرة وعظمة هذه المنجزات العلمية، والفكرية مثل انشغاله بنظرية القرد التي ابتدعها عالم الطبيعة الانجليزي داروين، لانه دمر غرور هند رستم وبريجيت باردو ونانسي عجرم وجينا لولو بريجيدا وفاتنات الكرة الأرضية جميعهن، عندما اعاد اصولهن الى حيوان قبيح، ولذلك واجهت نظريته الكثير من الاعتراضات، سواء على الصعيد العلمي ام الصعيد الديني بل وانسحب تأثيرها حتى على السياسة، فمن طريف ما يروى، ان احد الرفاق سأل مسؤوله الحزبي عن رأي الحزب في هذه النظرية، وكان السؤال في غاية الحرج، لولا نباهة المسؤول وذكاؤه، حيث رد عليه (إذا قبلنا بهذه النظرية، ووافقنا على ان يكون الشاذي هو جدك الأعلى، وكذلك جدي، فكيف يمكن أن يكون جد صدام حسين قردا؟!)، وسكت الرفيق الحزبي على مضض، ولكنه لم ينم ليلته تلك خوفا!! قبل سنة تقريبا اثبت العلماء بالدليل القاطع بطلان نظرية دارون وعدم صحتها، غير ان هذا لم يحل المشكلة، فقد حدث فراغ دستوري ينذر بالخطر، لأنه من غير المعقول ان نعرف من أين انحدرت النملة الفارسية مثلا وما هو اصل الجراد النجدي، ولا نعرف ما هو اصل الانسان ومن اين انحدر، وهو سيد الكائنات الحية؟! وهكذا بدأ الاهتمام، وبذلت الجهود المضنية، لسد الفراغ، وملء الفجوة العلمية، ولم يكن ذلك حكرا على البلدان المتقدمة فقط، فحتى نحن البلد الآسيوي المصنف بانه من اكثر البلدان فسادا وتخلفا، وأكثرها تعرضا لامراض الدكتاتورية، لم نقف بعيدا عن الضجة، وأدلينا بدلونا، وقلنا قولتنا في نسب الإنسان واصله، وإذا كنا ابتداء نرفض نظرية القرد لانها تتعارض مع مفاهيم الجامعة العربية، ومع مفاهيمنا القومية والتراثية والغزلية فان العناصر المتسامحة منا والشفافة والمظلومة على وجه الخصوص قالت: ان كان ولابد من وجود اصل حيواني للإنسان، فالأجدر ان يكون منحدرا من الجمل، فكلاهما يحتمل الجوع والعطش، وكلاهما يحمل الذهب ويأكل العاقول، وكلاهما يتسم بالصبر، ولكن هذا الرأي لم يصمد طويلا، امام رأي عراقي جديد، يرى ان اصل الانسان في السابق مجهول، امام اصله بعد عام 1958 صعودا، فينحدر من (الخروف) لان كليهما يتمتع بقابلية غريبة على الطاعة، وكلاهما يباع ويشترى بسهولة، وكلاهما يذبح بمناسبة ومن دونها، وكلاهما يسير في القطيع وراء راعيه، وهو لا يسأل من هو الراعي او إلى اين يذهب به، وكلاهما وديع مسالم فإذا نبتت له قرون صار عدوانيا شرسا نرجسيا متنكرا لماضيه، ومع ذلك لم يصمد هذا الرأي طويلا امام الرأي الذي توصل اليه شباب الانترنيت، فقد اكتشفوا ان اصل الانسان ينحدر من شجرة عملاقة صنعوا منها اول كرسي في التاريخ، ومن الكرسي انحدر ابن ادم، ولذلك ما زال يحن إلى جذره القديم!!
|