لايشغل بال صديقي سلمان الصالح غير(الرسم) ، يبدأ نهاره ويختم ليله وهو في مرسمه ، منصرف إلى اللوحة والفرشاة والألوان ، والى عشرات المصادر التي تبحث في تاريخ هذا الفن ومدارسه وتجاربه ورموزه ، حتى عاب عليه المقربون هذا التطرف في الانزواء،ولكنه كان راضيا عن نفسه ونجح في إقامة العديد من المعارض الشخصية التي نالت استحسان النقاد!في عام 1998، وبعد إلحاح وضغط شديدين ، ظهر الصالح في أول لقاء تلفازي على قناة الشباب ، وكان مقدم البرنامج قد اعد مجموعة أسئلة تقليدية في مقدمتها (ماهو اللون الذي تميل إليه في لوحاتك .. ولماذا ؟)،رد عليه الصالح (اللون البنفسجي )وتحدث طويلا عن مضامين هذا اللون ودلالاته النفسية ، حتى إذا انتهى، سأله مقدم البرنامج ( هل لأغنية الفنان ياس خضر التي تحمل اسم البنفسج تأثير على ميلك إلى هذا اللون ؟ )أجابه مندهشا(ثق إنني لم اسمع هذه الأغنية ، فانا بطبعي لست من متابعي الأغاني ، وبالذات العراقية ، لأنها تثير الحزن والكآبة، وعلى العموم تستهويني الموسيقى الأجنبية فقط !) انتهى اللقاء وعاد الصالح الى منزله ، وفي فجر اليوم الثاني تم اقتياده في سيارة مضلله الى دائرة الأمن ،وانهالت عليه الأسئلة ولعصي واللكمات ، وطلبوا منه اعترافا مفصلا حول أسباب اختياره اللون البنفسجي ، وحول علاقته بالحزب الشيوعي ومن هو مسؤوله الحزبي ،وما هو اسمه الحركي ، ولم يغادر التوقيف بوساطة احد أقاربه المتنفذين في الحكومة ، إلا بعد (6 أسابيع )تحول فيها ظهره وجسده إلى كتلة بنفسجية ، ومن يومها اختفى هذا اللون من لوحاته !! في عام 2008 ، وبعد إلحاح وضغط شديدين ، ظهر الصالح ضيفا على إحدى الفضائيات،وكالعادة طرح عليه مقدم البرنامج عدة أسئلة عن سيرته الفنية والنجاحات المذهلة التي حققها ، ثم حاوره عن الألوان ، واللون المحبب لديه ، ثم سأله ( لاحظت إن اللون البنفسجي غائب تماما عن لوحاتك ...لماذا؟ )، أجابه الصالح بدون تردد ( اكره هذا اللون ) ولم يشأ ان يذكر له حكايته مع أغنية البنفسج ، ويتاجر كما فعل غيره أيام التوقيف والتعذيب ، وهنا تساءل المقدم بخبث ( ولكن ماذا عن ثورة الإصبع البنفسجي وأعراسه البهية ؟!) رد عليه مرتبكا ( هذا شيء .. وهذا شيء.. أرجوك لا تخلط الفن بالسياسة ) ! انتهى اللقاء وعاد الصالح إلى منزله ، وقبل ان يؤذن المؤذن لصلاة الفجر تم اقتياده إلى جهة مجهولة من أشخاص مجهولي الهوية ، وانهالت عليه احدث وسائل التعذيب والأسئلة حول موقفه من العملية السياسية والانتخابات وعلاقته بالنظام المخلوع ، ولم يغادر التوقيف بواسطة احد أقاربه المتنفذين الذي عانى الأمرين من العثور على مكان احتجازه ، إلا بعد ( 6اشهر) تحولت فيها عيناه إلى كتلة بنفسجية ، ومن يومها توقف عن الرسم واعتزل الفن !!
|