ما تناقلته أجهزة إعلام عن النائب السابق الذي احتفظ بسياراته وحماياته الرسمية, قد يكون صحيحا, وقد لا يكون... ففي الفوضى لا يمكن التسليم بصحة ما يشاع.. فقد يكون كذبا وتلفيقا وتجنيا, وقد لا يكون... ويمكن لهذا النائب أن يكون موجودا, ويثقل على المال العام برواتبه ورواتب حماياته وبقية امتيازاته ولكن ليس بسبب من انحياز أو محاباة له, ولا عن فساد اداري... بل لسهو ونسيان وغفلة.. ويمكن أن تفهم في السياق العام السائد,,»لا أحد يدري بأحد» فهناك غشامة فادحة, وهناك ضعف متابعة وقلة مساءلة وتفشي للتغاضي و(التغليس)، مع تكريس لخدمة الذات ونيل المكاسب الشخصية,, والبرلمان ذاته قد يصلح (نموذجا وامثولة وقدوة) ويحقق ما قاله الروائي ولكن في السياسة (المسؤول... هو في مكان آخر) ويشعر بعضهم, وعلى نحو ما أن القرار لغيره وهذا ليس زهدا بالمسؤولية.. بل لإنعدام ثقته بنفسه ولهزال كفاءته وليقينه ان ما حل عليه كان بالخطأ... وأنه قد يخسر الفرصة في أية لحظة, لذا يتوجب اغتنامها واستغلالها لمصالحه بالكامل...هذا النموذج قد ينزع لأن يكون بعيدا عن العيون, وعن الانتباه, وحبذا لو غاب عن ذاكرة الناس لينفرد بكرسيه الى الأبد وقد يوصي بدفنه معه..ولكن قد يتوق لأن يصرخ في الشوارع بوظيفته ومنصبه ويصدق انه في يقظة ولا يحلم بما لم يحلم به,, وليس لمثل هذا النموذج أن ينجز ويبدع.. وأن يعرف ما تحته وما فوقه وما يجري في دائرته... وهناك من دخل في روعه, في ظل مثل هذا المسؤول انه حر في دائرته يعمل بها ما يشاء وما يريد.. إذ لا أحد فوقه.. ولا أحد يتابعه ويساءله... فكان أن اخذت الدولة هذا المنحى... ووجدنا مجلس النواب يستنسخ حالة التلاميذ الصغار.. وحتى عندما يحضرون الدرس يطلبون الذهاب الى المرافق الصحية... ونسي نواب أن حياة ومصير الشعب والبلد معلق بحضورهم وجديتهم في المناقشة والمعالجة.. وربما يجدر بمجلسنا أن يدرج أسمه في قائمة الأرقام القياسية من حيث الغيابات وفي شحة منجزه وفي افتقاده مع غيره للنظام الداخلي.. مقابل الامتيازات لبواب المجلس الذي يحسده الطبيب...كما للمهندس والطبيب والفلاح مهماتهم واختصاصاتهم فإن السياسي يتخصص وينبغ في فن صنع المجتمع, وفي التوفيق بين المتناقضات والتسوية بين مصالح واتجاهات الأفراد والمجاميع والفئات المختلفة, وحتى المتعادية.. وأن السياسي النبه والذكي والكفء يغتني بالتجربة والممارسة.. ويدرك أن الواقع غير التصور وغير النظرية, وغير خرائط ومخططات الورق... ولهذا شاع في تفسير أزمات ومتاعب البلد الى أن من السياسيين من لم يغادر عقلية المعارضة .. وفيهم من كان يحمل فيروسات في ذلك الوقت ويصر على تنفيذها في هذا الوقت.. فلم تقم دولة المؤسسات سوى مؤسسة الفوضى وعيب عدم إتفاق السياسيين...
|