البرنامج الفكاهي الناجح (اكو فد واحد) يمكن ان يكون حاله حال سياسي الغفلة، وحال شاغل المنصب عن طريق المصادفات والظروف والأخطاء... لم يتحمل نجاحه فتمادى في غروره, و(ترعن) وتمادت حريته فتردى الى الفوضى والابتذال.
الناجح بلا استحقاق ولا جدارة, لا يبعد كثيرا عن الفشل.. ويمكن ان يخسر نجاحه في أية لحظة... ولذا كان الأهم من النجاح هو الحفاظ عليه والبرهنة على استحقاقه.. حتى وان جاء بالمصادفة... ولكنه للغشيم,غير المستوفي لشروطه ومقوماته ستتولى آلياته النفسية وطباعه افراز مضادات النجاح وكل ما يؤدي الى التراجع والفشل.. ومن بينها الطمأنينة والغرور واستسهال الاجراءات والتصرفات والقرارات.. وهذا ما لا يحدث مع الكفء الجدير بالتفوق والنجاح .. وسيلازمه القلق الخلاق مع التقدم بالنجاح ويتضاعف حذره وتحسبه وتحريه عن التفاصيل والدقائق وعن الثقوب غير المرئية التي قد تحدث في غفلة منه فيتسرب منها كل النجاح.. فلا يستهين بإجراء ويحسب للأمر من كل وجوهه واحتمالاته..
في تجربة البلد العاصفة, رأينا المشاريع التي نجحت بالمصادفة.. ولكنها استمرت وتطوّرت لأن القائمين عليها ارتقوا الى مستواها ومتطلباتها.. مثلما انتهت اخرى بالفشل لضعف الكفاءة والجدارة... وهناك من يمزح بذاك الذي كانت ابعد واسمى امانيه ان يظفر بمنصب مدير ناحية, فمنحه الحظ منصب محافظ مدينته.. ويتولى تعيين مدراء النواحي.. وما لبث ان برع وتفوق وملأ مكانه, واقنع محيطه باستحقاقه لمنصب وزير.. فقد جد واجتهد.. وان الحظ قد خدمه في إبراز وإجلاء مواهبه وقدراته... بينما اسهم الحظ والمصادفة في تبيان سواه بكونه دعسوقة.. وكان علو المنصب فرصة لأكبر عدد من الناس ان يروا انه مجرد دعسوقة.. وتدحرجه وسقوطه تدحرج وسقوط دعسوقة..
الجدير بالذكر ان المقصود بالنجاح بمعناه الانتاجي والاخلاقي والاجتماعي,, والا فإن من يحسبون انفسهم على النجاح من اللصوص والمزورين كثيرين..
البرنامج التلفزيوني الناجح (اكو فد واحد) يستجيب لتعب وارهاق العراقي بفكاهاته ونوادره, ويزيل كلل قلبه... والقلوب اذا كلت عميت, كما جاء في الحديث الشريف.. والفكاهة كما السياسة تتطلب القوي المحلق مثلما تتطلب الغاطس في التفاصيل والذائب مع طين الجذور... وبالضحك نشعر بالتفوق على من نضحك منه... وقد ننتقم منه.. وقد تساعدنا في ان نرى المفارقات في الواقعة.. والابتذال.. وملامح الحماقات وضروب الغباء... ثم انها ممارسة اجتماعية.. لا بد ان نستلمها من آخر.. ولا يستطيع المرء ان يروي لنفسه النوادر والفكاهات.. ويتضاعف تأثيرها بعدد المشاركين بها... وزبدة القول فإن البرنامج المذكور حاجة اجتماعية ونفسية وجاء في وقته.. والخشية من إلا يتحمل النجاح.. ويطفو طفو رجال ومشاريع كثيرة... ويحوّل الفكاهة الى ابتذال .. كما استخدموا احدهم للسخرية من مواهبه الغنائية, وهزأوه لكي يضحكوا, بوهم انهم يضحّكون المشاهد ولا يثيرون امتعاضه... مع يقيننا ان الاذكياء فيه سيستدركون قطعا.. |