ثمة من يعرف العراقي بأنه كائن عائلي، وعائلته وبيته مركز ومعنى حياته، ولا مأساة كالتي تبعده عن عائلته، والأكيد انه يمر اليوم بأكبر مآسي حياته وهو مشرد في المنافي والمهاجر وأصقاع اللجوء، فهو متناثر في اغلب دول العالم ويتطلع باقون كثيرون للفرار من البطالة ومن جحيم التفجيرات والابتزاز والتهديد ومن وجوه بليدة صدقت أنها تصلح للسياسة ولقيادة المجتمع، وان الفرار لمرارة وانتحار ولا مأساة اكبر من الابتعاد عن العائلة. هل واجه رجال في الدولة واقعة هذا التشتت للعائلة العراقية وتشردها؟؟ بين رجال السياسة من تجرع تلك المرارة وعانى ابتعاده عن عائلته وتضرع الى الله ألا يذيقها لعدوه، إلا ان المشتتين قد تضاعفوا وعرفتهم أصقاع قصية من الأرض وعانت من نحيبهم وحنبنهم لعوائلهم وأماكن ذكرياتهم، وثمة من علقت عينه بالسماء يسأل: اما لهذا الشقاء من آخر؟؟ وإذا نضبت الرحمة من سياسيين أين رحمة السماء تشمل العراقيين؟ دول العالم تزيد من صعوباتها أمام طلبات لجوء العراقيين، وحتى اقليم كردستان اضطر لمثل هذه الصعوبات نظرا للزخم الكبير من جموع المهجرين ومختاري العيش هناك بدل اوربا، وماذا بعد؟ والى متى؟ وهل يبقى في معاناة بأكثر مواضعه حساسية وبكونه الكائن العائلي؟ يمكن معرفة ظروف ومزايا دول العالم ومدى إمكانية التفكير بالهجرة إليها في حافلات نقل الركاب والمقاهي والتجمعات، ويبدو العراق بشاغل واحد، الفرار من الجحيم وان خسر عائلته، والعائلة بدورها تقنع نفسها بان فراق احدهم افضل من موته ومن العيش في ظل فساد قياسي وسياسيين لا يعرفون كيف يتصالحون مع عوائلهم فكيف يوفقون بين مصالح بشر متعارضة؟ رجل الدولة الذي لا يشعر بمسؤوليته عن الكلب الأجرب في بلده ليس برجل دولة، وقد وجدنا في عراق ما بعد الاحتلال من لا يعبأ بغير نفسه والمثابرة على نهب الثروات ، وبدل ان يعمد لبرامج تثقيف وتطوير وتنوير وإقامة عائلة عراقيــــة عمد لتمزيقها بعناوين طائفية وعشائرية ومناطقية وشرعنة المحاصصة والمغانمة وكل ما يناقض شروط ومقومات الدولة المدنية وبما افرز وخلق أجواء الجحيم لطرد المواطن من بيته واللهــــــاث بحثا عن الهجرة، حتى قال من قال، ان لوعة العائلة العراقية على نفسها هي التي ستزعزع الأرض.
|