في حياة كل واحد منا ثمة شخوص متميزون ، تعرف بعضهم في المحلة او المقهى او الحياة العامة ، وتربطنا ببعضهم الاخر علاقات صداقة، والتميز الذي اعنيه هنا لا يرتبط بالجانب الابداعي ، وانما بالجانب السلوكي اي ان تصرفاتهم تخرج عما هو معتاد ومألوف من غير ان يعني انهم يأتون بتصرفات سيئة او منبوذة ، ولكنها غريبة الى حد ما !!. حميد اللامي، واحد من هؤلاء الشخوص ، وهو صديق قديم انهى دراسته الجامعية اواخر العقد السبعيني من القرن الماضي، وعمل في سلك التدريس استاذا لمادة الفيزياء ، وكان الرجل على قدر عال من الثقافة وقارئا جيدا ، ومتابعا لكل جديد في ميادين العلم والادب ، والفكر والسياسة ولكنه مولع الى حد الهوس باثارة الاسئلة الكثيرة التي يختلط فيها الجد بالمزاح ، ومشاكس يحب مناكدة الاخر في اية قضية، ومستعد للدفاع عن الشيء وضده بالحماسة نفسها، وكل ما يعنيه من ذلك بالنتيجة هو اشاعة جو من المرح ، ومع ذلك لا يصح الاستهانة بحواراته ومداخلاته واسئلته !. قبل ايام كنا نتحاور في الاسباب التي ادت الى هذه الاخفاقات المتواصلة في الملفات جميعها ، واتفقنا على ان وصول عناصر غير كفوءة احيانا الى مواقع المسؤولية ، وقد ادى الى ما ادى اليه ، ولكن اللامي خرج على اتفاقنا وقال (هذا غير صحيح ، لان من يتحمل الاخفاق هم العناصر الكفوءة في مواقع المسؤولية ، لانها لم تاخذ دورها ورفعت الراية البيضاء ومنطــــق الاشياء يقول (ارشدوا الجاهل وحاسبوا العالم ) وقد اثار برأيه الغريب هذا زوبعة محتدمة م نالنقاش ، حتى ان بعضنا غير رأية والقى باللائمة كلها على المخلصين واصحاب الكفاءات !!. بعد بضعه ايام ، تجدد الحوار حول الموضوع نفسه ، وخرجنا بما يشبة الاجماع، ان اصحاب الكفاءات هم من يقف وراء الاخفاقات ، لانهم رفعوا الراية البيضاء ، ولكن اللامي على عادته اعترض بشده وقال بطريقة مؤنبه (انتم تفكــــرون مثل النعامة ، فتنسون او تتناسون ان القرار لا يمتلكه اصحاب الكفاءات ولا لوم على من لا يمتلك القرار ) واثار من جديد زوبعة من النقاش !. هذا هو حميد اللامي، وهذه هي شخصيته، ومن طريف ما اذكره عن هذا الصديق الممتع ان حديثا كان يدور بيننا حول البناء الحكائي في قصة النبي يوسف (ع) وفجأة قطع علينا الحديث بسؤال غريب (هل الذئب الذي أكل يوسف ، ذكر ام انثى ؟) وضحكنا من سؤالــــة وقلنا له (الذئب لم يأكل يوسف) ، ولكنه عاد ليسأل (الذئب الذي لم يأكل يوسف ، هل هو ذكر او انثى ؟ ) الحقيقـــــــة لم نتوصل الى اجابة مقنعة !!.
|