في جلسة مسائية ظريفة ضمتني مع مجموعة من الأصدقاء، تبادلنا شتى الأحاديث، بحيث يمكن ان اسميها بلا تردد ، جلسة ثقافية عامة، سادتاه روح العلم ورفرفت فوق أجوائها البهيجة، أجنحة الديمقراطية الحقه، فقد كان الرأي والرأي الآخر واحترام ام يطرح من أفكار وقناعات متباينة ، هو سيد الموقف. لا استطيع بالطبع ان استذكر جميع الموضوعات ، ولكن واحدة من اهم القضايا الثقافية العلمية التي أشبعناها نقاشا ، هي قضية وجود هذه الالاف من أنواع الكائنات الحية ، وكذلك الفروقات الحادة في البيئة والمناخ، وتوصلنا إلى أن ذلك كله بالغ الاهمية لحفظ التوازن في الطبيعة، وأدلى احد الحاضرين بمعلومة تفيد بأن بعض التغيرات الحادة التي شهدتها الطبيعة في هذا العصر او ذاك من العصور التي مرت بها الكرة الأرضية كالانحباس المطري او الجفاف او الموجات العنيفة من الحر او البرد او الجليد قد ادت الى هلاك او انقراض فصيلة كاملة من عالم المملكة النباتية او الحيوانية التي لم تستطع التكيف أو المواجهة ، ثم تفرع الحديث وتشعب وامتد الى وجهات النظر حول اصل الانسان وما اسفرت عنه وجود التنقيب والمتحجرات والاحثائيات من نتائج ، واعترف بأنني لم افهم الكثير من المصطلحات والشروح، ثم سمعت احدهم يقول كلاما يود إنهاء الحوار به « ان العالم على ما يبدوا لم يعد يسأل عن حالات التطور والانقراض نتيجة انشغاله بالجينات الوراثية واستنساخ النعجة دلي «. في الحقيقة لم تبق زيادة لمستزيد في هذا الموضوع وكنت في اثناء ذلك ساكتا استمتع بالحوار مرة وأتثاءب مرة أخرى من غير ان احشر نفسي فيما لا علم لي به ، إلا أن احد الاصدقاء على ما يبدوا فطن الى صمتي وصعبت عليه حالتي فسألني سؤالا غريبا ومفاجئا : من هو سلمان الصالح بطل كتاباتك.. وهل هو اسم حقيقي أم مستعار ؟ تريثت قليلا كي استجمع افكاري قبل ان ارد عليه : انه إنسان حقيقي وليس اسما مستعارا وهو مواطن بسيط وطيب ونزيه، لم تمتد يده يوما الى المال الحرام او الى ممتلكات الدولة او نهب القصور الرئاسية ، ويرفض الرشوة العلنية ، والرشوة المغلفة بغلاف الهدية ، واهم من هذا انه رجل يحب وطنه اكثر مما يحب أولاده ، ويتألم الى حد البكاء حين يسمع كائنا من يكون ، يفكر بإيذاء العراق او تقسيمه ، وينزعج انزعاجا لا حدود له من اولئك الذين يتحدثون بلغة السنة والشيعة والعرب والكرد والمحاصصة.. ما كدت انتهي من كلامي حتى علق احدهم قائلا : ان رجلا بهذه المواصفات في طريقه الى الانقراض فهذه الفصيلة أصبحت نادرة، واقترح شخص آخر متسائلا بسخرية : ما رأيكم ان نطالب الحكومة المؤقتة باستنساخ سلمان الصالح ؟!وغصت الجلسة بضحكات عالية حتى أن البعض سقط أرضا، بينما كنت وحدي أتمزق حزنا وانا أتذوق مرارة الحقيقة !! .
|