مقاولون في هذا الوقت مثل كثير من العناوين الأخرى, قد يشغلها من لا يناسبها ولا يستحقها.. ومنهم حمير تحمل ثروات, وجرذان في لبد اسود.. يتعاملون بالمليارات ويخطفون كسرة الخبز اليابسة من فم الشحاذ.. ويغمطون حق العامل قبل ان يجف عرقه, ويتنصلون من وعودهم واتفاقاتهم وينسون القابهم وصيت عوائلهم ومخافة الله..
التقط هذا المقاول بلسانه وهيئته ولقبه هذا المهندس, واوكل له ادارة مشروعه في احدى المحافظات.. واكمل شهره الاول ولم يدفع له راتبه.. ومضى الوقت , الى ان جاءت المكاشفة, وبدأت المساومة.. الراتب مقابل التوقيع على الحصول على سلفة الحكومة.. على ان يدون اضعاف المنجز فعلا من حيث العمل والكلفة فرفض المهندس.. وجرت المساومات والمحاولات... ولا فائدة فالمهندس الشاب يمتعض من الغش ويخشى الحرام.. اما استحقاقه من الرواتب فقد قضم المقاول منها الكثير.. زاعما انه توهم في تقدير اجوره.. وانه دون ذلك..و.. موافق.. إلا ان المقاول لا يتوفر لديه الان كامل المبلغ,, وعندما يبيع ذهب زوجته سيدفع له المتبقي...
هذا ما يمكن قوله عن مقاول من هذا الزمن... حيث تحال الملايين من الدولارات وكذلك المناصب والمهمات لمن هم ابعد الناس عنها, واخذ هذا العنوان ما يهينه ويبتذله وهذا ما ينسجم والسائد من التسيب واستشراء الفساد.. حتى بحت حناجر رجال الدين بشجبه.. وكف المواطنون عن الامل في نهايته, فكان ان تمدد المقاول الفاسد واخذ كامل حريته وترك لدناءته ان تهفو لاجور العاملين .. وهذا يعني ان الوقت لا يطول وتكشف المشاريع عن غشها وهشاشتها وزيفها .. وستتهدم الأبنية على رؤوس ساكنيها, والطرق تحت اقدام سالكيها....والخ، وقد تأسس الفساد.. وتحول الى سلوك مألوف, واعتاد الفاسدون وايقنوا ان احدا لا يدري بأحد وكل متروك لحاله امام الثروات, وهناك اكثر من سبب.. واكثر من حقيقة, واغزر من واقع يدعوه لتصويب نظره نحو الأخذ والنهب وتكديس الثروة وخطف (الدينار) من مكان العبادة.. ومن كد العامل... فقد تبين له ان يسحق على (خرافات القيم والمبادئ ووسوسات الضمير) فهو يساوي رصيده وما في جيبه.. وهكذا يرى... أناس يحسبون على الوجهاء وعلية القوم.. وممن يدفعون حيواتهم من اجل كلمة.. وممن يظنون ان الاموال وسخ دنيا وان معناهم ووجودهم يقاس بنظرة المجتمع لهم.. وقد انقلبوا الى النقيض وما عاد يحرجه ان يمشي عاريا في الاسواق العامة... وبما يعني موت المجتمع داخله.. ويعني ايضا انه عدو للمجتمع... وكل هذا انما محصلة لتحلل اخلاقي وقيمي شخصه سياسيون ورجال اجتماع وأئمة دين... إلا انه لا خطوة واضحة باتجاه برنامج تربوي واخلاقي وقيمي... وبدأ الامر وكأن هناك برنامجا خفيا يعمل على تكريس القتل المادي والمعنوي.. ويوفر كل هذا الامان للفاسدين والقتلة.. وإلا ما كان لمقاول (محترم) ان يترك لدناءته كل هذه... الحرية الخلاقة...
|