النصيحة التي تسدى لحسني النية بان يحذروا من الثناء على الملفقين واللئماء وكل حديثي النعمة ممن لم يشكروها ...ومن علامات هؤلاء عند الثناء عليهم أنهم يتيهون خيلاء بهذا الثناء مع ضرب من النسيان لمن أثنى عليهم, ولايتذكرونه إلا انه اشبه بعبد كان وفيا لسيده ...ولا يلبث أن تتفتح شهيته لمزيد من الثناء فينحو ,بداخله ,باللائمة لان العبد لم يكثر من مدحه وتكريمه والثناء عليه ...فالنصيحة تهدف لحسن النية الحفاظ على كرامته وسلام نفسه ...وللئيم إلا يزداد لئامة ...ويتبين ان ذلك البيت الشعري المعروف (ان أنت أكرمت الكريم ملكته.....وان أنت أكرمت اللئيم تمردا)هو خلاصة من الحكمة ...وتحسسها عراقيون كثيرون في مرحلة ما بعد الاحتلال واللصوص وسياسيي الصدفة ..وهنا ..يجدر التذكير انه لا عيب في اي عمل شريف ...فلاح ,حمال ,بقال معلم ,موظف ...وان تاريخ العالم حافل بالبناة والقادة ورجال التاريخ ممن طلعوا من القاع الاجتماعي ..الا أنهم كانوا مستوعبين لأعمالهم وأدوارهم وبارعين في أداء رسالاتهم ...وتقف أعمالهم السابقة شهادات أكيدة على عصاميتهم وإرادتهم وقوة شخصياتهم.. الا ان التجربة في العراق برهنت أن من بين من جاءوا من القاع لم يتطوروا,ولم يرتقوا الى مواقعهم الجديدة بدليل هذا الفساد المستشري وهذا الخراب الشامل بكل المناحي ..والثناء والتكريم لمثل هذه النماذج يضاعف من أوهامها وتخلفها ومن سوء عملها ,ومن فساده..مثلما يشكل خسارة لحسني النية الكرماء وخيبتهم بالنتائج... ولكثرة المفجوعين بطيبتهم وحسن نياتهم اذ يساعدون ويكرمون اللئماء فقد كثرت الأقوال في هذا الشأن التي تلخص تجربتهم ...(لا تعمل الخير في غير أهله ,ينقلب عليك ذما وتندم....واتق شر من أحسنت أليه ...والخ)فحسن النية موجود دائما الى جانب سوء النية ...ولها مراحل في الصعود والهبوط ..والاكيد اليوم ان صدمات الطيبين في اوجها مع تجار السياسة وأبطال الفساد الأنيقين اللامعين ...إنما الأكثر تأكيدا انه لا يقدم على إكرام السياسي اللئيم في هذا الوقت غير المغفل ...وان كان ثمة رأي بان العلاقة الطيبة تلك التي تنشد الإخلاص والمحبة وتشجيع الخير ورفض الشر وبإهداء النواقص والعيوب لأصحابها ,رغم ان اللئماء يفتقدون للنضج الذي يؤهلهم للتقدير الحرص الذي حمل أليهم عيوبهم... الوقت صعب على الكرام مادام سهلا على اللئام.
|