أدركت المملكة العربية السعودية مؤخراً مخاطر انتشار العمليات الإرهابية التي استهدفت سوريا والعراق، وشعرت أنها في طريقها لتلقي الشظايا بنيران المحارق التي أضرمتها في المنطقة، وربما تتعرض الرياض نفسها لمثل ما تعرضت له بغداد ودمشق. فالتنظيمات الإرهابية التي تتحكم بها الولايات المتحدة الأمريكية من بعيد، قد تودي بنظامها الملكي وتقتلع أوتاد مضاربه البالية، وبالتالي فأنها تخشى من تكرار تجربتها الفاشلة في ثمانينات القرن الماضي عندما اشتركت مع الاستخبارات الأمريكية في تدريب الأفغان والعرب لمواجهة الاتحاد السوفيتي التي خلفت القاعدة وطالبان. تأتي هذه المخاوف في التوقيتات الحرجة التي تناثرت فيها الخلافات الداخلية فوق رمال نجد والحجاز، فالملك عبد الله يتحرك بصعوبة على كرسيه المدولب نحو عتبة التسعين عاماً، ولا قدرة له على مواجهة المنغصات السياسية المزعجة، بينما تتصاعد وتيرة الصراع بين الأمراء السعوديين للاستحواذ على السلطة، والوصول إلى سدة الحكم بأي ثمن، ناهيك عن المخاوف الأمريكية من احتمال سقوط عرش المملكة في فوضى الصراعات الداخلية المحتملة. فما يحدث الآن داخل قصور العائلة الحاكمة لا يمكن فهمه بسهوله. أشارت الصحف الغربية إلى أن كبار الأمراء يتحركون ببطء، ويمنعون أنفسهم من نصائح الخبراء الأجانب وهو ما يجعل الأمر رهن التكهنات، وأكدت على حقيقة المحاور المختلف عليها داخل العائلة الحاكمة، وأن أبناء الملك (عبد العزيز) مؤسس المملكة وأحفاده لم تعد لديهم القدرة على لملمة شمل العائلة الحاكمة لحفظ أركان مملكتهم، مشيرة إلى أن خبراء أمريكيين وعرب قالوا إن المملكة العربية تواجه أربعة مخاطر هي: تنامي قوة إيران، وتصاعد حدة العمليات الإرهابية في المنطقة، وتآمر الحكومة القطرية عليها، وتأرجح مصداقية الولايات المتحدة الأمريكية التي تمثل طوق الحماية للمملكة، وأكدت الصحف أن الوضع في المملكة كان أكثر استقراراً قبل عشرة أعوام، حتى جاء اليوم الذي شرعت فيه حكومة الدوحة بالتنسيق مع معارضي الأسرة الحاكمة لتحقيق رغباتهم المستميتة لإنهاء حكم (آل سعود)، لافتة إلى أن عزل الأمير بندر بن سلطان من منصبه كرئيس للاستخبارات في نيسان الماضي، ثم إعادة توليته منصب الرئيس الشرفي لمجلس الأمن القومي يكشف عن حقيقة عدم الاستقرار الذي تواجهه العائلة الحاكمة. وأوضحت أن الأمير بندر بن سلطان يظهر في عيون الأمريكيين على أنه غير جدير بالثقة، مشيرة إلى أنهم يرون أنه ساهم بطريقة مباشرة في إثارة القلاقل الداخلية أثناء وجوده على رأس الاستخبارات السعودية. ثم أن تولية ولي عهد المملكة الأمير سلمان (78 عاماً) لوزارة الدفاع على الرغم من أنه يواجه مشكلات صحية، يؤكد التكهنات بشأن مجيء الأمير (مقرن) ولياً للعهد في آذار الماضي. ولفتت الصحف إلى أن المملكة العربية السعودية تبرعت مؤخرا بـ 100 مليون دولار لمركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، بينما صرح المفتي السعودي منذ أسابيع فقط بأن داعش والقاعدة هم العدو الأول للإسلام. ختاماً نقول: ألا تعني هذه التغيرات المفاجئة في مواقف الفقهاء إلى حدوث تغير في نظرة المملكة للأمور.
|