هذه الولاية الامريكية شديدة البرودة ويكاد يدفنها الثلج ,ولكن الاكثر برودة ووحشة هي حياة الناس فيها ...فكثير من الاطفال بلا اباء ,ومن امهات صغار ...ونسبة مخيفة من الشعب الامريكي مصابة بالإدمان الكحولي والمخدرات ..وان ما يبدو عليهم من اخلاص ومثابرة على العمل انما في حقيقته هو نظام صارم وغير مرئي ..وإلا لترك وهرب وسرق من ساعات العمل الكثيرون ..فمن لا يعمل لا يعيش ..والنظام غير المرئي هو ذاته في الجانب الامني ..فيبدو وكأنه بلا ادنى وجود ,بينما في الحقيقة بوجود مكثف وفاعلية كبيرة ..فعند خرق النظام والتجاوز على الاخرين ينبثق رجال الامن من تحت الارض ومن مخابئ الاثير ..وكما لو كانوا ارواحا وقد تجسدت في اجساد ..والأكيد لا يشبهون رجال الامن في مثل بلداننا حيث يحملون في كياناتهم اجراسا مدوية تعلن عن وجودهم وسطوتهم ...فقلنا ان امنهم مثل زجاج بالغ النقاء والشفافية حتى ليدعو لمد اليد للتأكد من وجوده ...والنتيجة ذاك امنهم وهذا امننا... الام الصغيرة اذا اضطرت للعودة الى دار والديها ان وجدا او احدهما فعليها ان تدفع ايجار السكن وتكاليف طفلها ..فالأواصر والعلاقات حسابية بالغة البرودة ..وتقر المرأة وتعترف بتفضيلها شريك الحياة الميسور على الحبيب الفقير ...فعندما تستيقظ في الصباح تجد رصيدها في البنك ولكنها مع الفقير قد لا تجد رصيدا من الحب ...وربما توسلوا بالقطط والكلاب لاستيعاب عواطفهم واختلاجات قلوبهم ... امريكا بسياسة جميلة وفاتنة وتذكرنا بالجنة الموعودة ونظامها العادل..ولكن امريكا بالغة القبح بسياستها مع العالم ,وعلى الاقل بنموذجها في العراق ...الا ان الصورة تنعكس و تتحول الى النقيض عند رؤية المجتمع الامريكي من داخله...فهو مجتمع لامع وسعيد ومبتهج من خارجه ,ولكنه بالغ الكآبة والبرودة والقنوط في داخله ...وتلك نسب الانتحار العالية مصداقا لذلك ... وسيجد الكثيرون منهم بارقة وشيء من المعنى لو اطلعوا على الاسلام وأواصره التي كلما صدقت وعفت وسخنت افضت الى نعيم متصاعد والى جنان السماء ..ولذلك وجد بعض الاسلاميين من يسارع للانضمام اليهم ,فبدل الموت كفطيسة فثمة احتمالات حياة او موت يرفع الى النعيم ...ولو اقام المسلمون تجربة سياسية ناضجة نيرة تمتلك لغة العصر وتعرف ممكنات الحياة اللانهائية لتداعت الشعوب اليها ,ولبدت الرسالة وكأنها استأنفت ثورتها وبشاراتها الى العالم السعيد ..لا الذي افزعها من كراهية وجشع وبيع حتى الشرف لقاء الدولار..
|