كررها الفلاسفة وعلماء النفس والمجتمع من ان الانسان بن ظرفه وبيئته وحقبته التارخية ...وانه في كل حالاته يمثل جوهر الانسان ...وتشغله غرائزه ... وكان يقاتل في غابته وكهفه من اجل البقاء ..ومن اجل ترضية غرائزه ...حتى اذا اشبعها وضمنها نسبيا ونال استقراره فكر بالجمال وتطور الروح وبناء الاواصر والعلاقات التي تثري حياته وتضاعفها وتشحنها بالمعنى ..وبكلمة اخرى ,بدأت بذرة الكرامة تنمو لديه .. الاساس هو الذات ..والجذر هو الكائن البدائي ...والوجه المرئي منه هو من اضافات الوعي وتراكمات التجربة وكشوفات منجزه الحضاري ...الا انه سرعان ما ينبعث ويتجسد البدائي المتوحش حالما تعود تهديدات الغابة ... انه بدأ مغادرته للغابة نحو المجتمع ..وبدأ تقدمه الاجتماعي والجمالي ,وباتت تقلقه مكانته بين الناس ...الا ان تلك الكرامة تتفاوت بحضورها وحجمها بين انسان واخر.. صدمة العراقي المدرك كبيرة بما طفح وتبدى من رواسب الانسان البدائي من حيث بنية كرامته ... وكما يكون الحفر عميقا وشاقا للوصول الى ماء الارض وتتفاوت قيعان الابار فان كرامات الناس تتفاوت بين العمق والسطحية .. فلا يفرط البعض بكرامته بسهولة وقد لا يفرط بها ابدا .. فيتخلى عن حياته ولا يتخلى عن كرامته الانسانية..فان البعض الاخر يفقد او يضحي بكرامته لاسباب بسيطة ,وقد تتبدد وترمى لمجرد خدش ... كان للمحنة العراقية ان تكون اثمن درس للمجتمع العراقي يغنيه عما عصف بالمجتمعات قبل بلوغها الحكمة وتظفر بالحياة الطيبة .. نقية من ايما تعصب لغير الانسان وللخير والجمال.. ففي محنتنا عايشنا الانسان البدائي يوم كان كائنا بايولجيا يبحث عن البقاء لا عن الكرامة ..فلم تصمد كرامته وشرفه كانسان امام اتفه التهديدات... ورأينا امثولات الكبرياء والكرامة والشرف وقد وثبوا وثبة واحدة الى البدائية الاولى ونهشوا وافترسوا بشرا مثلهم لا ذئاب ...بل وثملوا برشف وكرع دماء ذويهم واهليهم ..وامتهنوا القيم والدين والمقدسات مجانا وبما يشهد لهم انهم اكثر عوقا ذهنيا من كائن الغابة .. ولا ينتبهون الى ما يلحق كرامتهم وشرفهم من انحطاط وعار...وبينهم من تمادى فيه عوقه الذهني فشرعن وقدس اوهامه وجهالاته وسلطها قدرا على العباد تقرر مصائرهم ...وبهذه النفوس والعقليات شاع في العراق اكبر ضروب الفوضى واخطر اوبئة الفساد ...وقد لا يبعد اليوم الذي يتولى تفسخ الجثة الاعلان عن موت من لا احد له.
|