كشوفات علم النفس لطبيعة وانفعالات الحشود ولعقلها الجمعي بالغة النفع والفهم وسبر أغوارها ,فاطمع السياسيين بدراستها ومتابعة نتائجها وصولا الى فهمها والتحكم بها وشدها والإتيان بها صوب غاياتهم ...ما نمارسه ونفعله ونأتي به وسط الحشود قد لا نقترب منه ونحن أفراد ...وقد يستغرب المرء ويندهش من مراقبته البعيدة لمظاهرة جماهيرية ,وربما يستنكر حركات وانفعالات يراها في متظاهرين حتى اذا قيل له أنها ذات التظاهرة التي سبق ان شارك بمثلها ...فهو يستنكرها ما دام ليس في لجتها وبعيدا عن انفعالاتها واعاصير المشاعر التي تجتاحه وتبتلعه وتذيبه في الجموع وحالتها الوجدانية ...الجاهلون لشخصية وأجواء ومؤثرات الانخراط في الجموع ..لاسيما بعض السياسيين...فينساقون وراء انفعالاتهم التي تضاعف الجماهير إيقادها وتاجيجها,ويدخل في روعهم انهم حازوا على كل قوة التحدي والانتصار,فينبروا في تحديات لا يقدمون عليها بلا عدوى واوهام الجموع ...ويجدون انفسهم بعد انفضاضها انهم متورطون وغير مؤهلين وغير صائبين في مواقفهم تلك ... ولكن الحشود يمكن ان تضع قيادات سياسية في طريق الثبات ومواصلة تحدي الظلم والجور ..وتمنحهم العزم في ثورتهم ...شرط ان يكون السياسي مستقل الرأي والموقف والتفكير السليم ...ولا ينقاد ولا يتأثر بغير الحقيقة حتى لو عارض كل البشرية ...وهل كان المكتشفون والمخترعون ورجال التاريخ غير رجال أفراد امنوا بحقائقهم بعلمية وموضوعية ومحاكمات ذاتية جدلية فبلغوا الحقيقة؟؟؟ يقول علم النفس ان العقل الجمعي هو متوسط عقول مكوناته ...بل وقالوا ان عفوية الجماهير وحشودها قد تتوصل الى حقائق لا تصلها غيرها ...وتسمي الحالات تسمية الطفل للملك العاري وان هتفت الجموع ببدلته العجيبة ... سجلت الحشود المليونية باقامة الشعائر الدينية بذكرى اربعينية الامام الحسين (ع)هذا العام علامات مضيئة وبشارات واسعة ,وان ما وصلنا يناقض تشخيصات كثيرة عن تدني الوعي وسعة التخلف ,فرغم عاطفية الحشود ووقوعها تحت ثملها الوجداني وانحيازها لذاتها واندفاعها بهذا الاتجاه الا ان حشود الأربعينية كانت بشعارات متوازنة وضراعات إيمانية صادقة وحماسة للوحدة الوطنية ونبذ عميق ومدرك للطائفية ..وتجسيد راق لروح الإسلام السمحة ..ثم إحياء وبعث للثورة الحسينية على الظلم والجور وإمراض السلطة وكل ضروب الكراهية...وتلك مرحلة من النضوج والإدراك وعمق الإيمان ما يدعو المثقفين للمراجعة واستدراك قناعاتهم المتشائمة ...فالملايين من مختلف الدول وجنسيات العالم أعادوا للإسلام رقي نظرته وإنسانيتها وانه المناسب لإقامة أفضل أخوة بشرية ,وأجمل صورة للإسلام .
|