الفصل بين السلطات يعد احدى الركائز الرئيسة في البلدان التي تتعاطى الديمقراطية، وتحترم سيادة القانون، والفصل لا يعني كما تتصور والدتي ان كل سلطة تعمل بمفردها، بل العكس تماما فبينها من الوشائج والتنسيق وصلات الرحم، ما يجعلها تعمل كما لو انها وحدة واحدة متكاملة فالسلطة التشريعية التي تتولى مهمة سن القوانين والتشريعات، ومراقبة الحكومة وكيفية ادائها، يبقى عملها معطلا ما لم تقم السلطة التنفيذية بوضع تلك المهمات موضع التطبيق، زيادة على مهمتها الاساسية وهي (مراقبة الشعب) وتحديد اسلوب حياته وتفكيره وتظاهراته وتنقلاته وضحكة وبكائه (من باب الحرص على مصلحته) واي خرج شعبي عن تلك الاساليب التي حددتها السلطة التنفيذية يعني دخول عنصر جديد الى الساحة وهو السلطة (القضائية) التي تراقب مدى التزام الناس.. وهكذا يبدو عمل الاطراف الثلاثة مستقلا في ظاهرة متداخلا في جوهره!. الدول التي تحترم القانون والديمقراطية ـ ومنها دولتنا ـ ابتكرت (سلطة رابعة) قالت اناه سلطة الاعلام والصحافة، تمتلك من النقود والصلاحيات ما يفوق صلاحيات السلطات الثلاث، لانها وحدها من يحق لها متابعة و (مراقبة) البرلمان والحكومة والقضاء، وبمقدورها اقالة الحكومة ومحاسبة النائب والقاضي والوزير وخلق رأي عام تنحني امامه السلطات الاخرى وتستجيب له، على الرغم من ان السلطة الرابعة كما نعلم تؤدي هذه المهمات العظيمة من دون ضابط شرطة ولا عريف ولا جندي ولا رجال امن ولا هراوات ولا كواتم صوت.. وعلى الرغم من انها لا تسكن قصورا محصنة او منطقة خضراء ولا تركب سيارات مصفحة ولا يسير امامها وخلفها وحولها فيلق من المدججين بالاسلحة الحديثة و.. على الرغم من ان ثلاثة ارباع منتسبي هذه السلطة يعانون من البطالة والفقر وانيميا الدم وسوء التغذية!. اذن.. الا يبدو حديث العديد من المسؤولين في العراق عن (السلطة الرابعة) واحترامهم لمكانتها وتقديرهم لدورها الاستثنائي الكبير، واحدا من اطراف النكات التي تجعل الصحفي يموت من الضحك ويتبول على سرواله حيث لا يمر شهر الا وتعرض هذا الاعلامي او ذاك الى الضرب او الطرد او الحجز او الشتم او الرزاله من افراد السلطة التنفيذية ومن اصغر صغارهم.. حماية رئيس او وزير او محافظ او .. او.. او نائب او مسؤول اخر زمنا ومع ذلك يتحدثون عن الاعلاميين امام الفضائيات باعتزاز ومباهاة على انهم السلطة الرابعة!! اسالكم بالله هل سمعتم في حياتكم (سلطة) تهان من اولاد الشوارع غير سلطة الصحافة؟!.
|