تفيد تجارب العالم الواسعة، ان تغير الانظمة والحكومات والرؤساء والدساتير والقوانين والتشريعات، يتم عبر واحدة من وسيلتين الاولى: تعتمد على منطق القوة بشتى انواعها كالانقلابات العسكرية او منطق الدكتاتورية او التهديد او العين الحمراء.. الخ والثانية: المنطق الديمقراطي بشتى انواعه صناديق اقتراع مثلا، او تراضي او حوار او تفاهم... الخ، ومهما اجهدنا انفسنا فلن نعثر على منفذ للتغيير سوى هذين المنفذين بصورهما المنوعة واسمائهما المتباينة!. بعد تأمل طويل في وسائل التغييرات كالثورات والانقلابات ووسائل الحوار والتفاهم والتوافق كما سبق القول، توصلت الى ان عراق التاسع من نيسان 2003، صاحب اغنى واعمق واغرب تجربة ديمقراطية على وجه الكرة الارضية هو وحده الذي ابتكر خطا ثالثا غير مسبوق ولا مألوف ولا متداول و.. ويستحق عليه براءة اختراع، وقبل ذلك وسام الرافدين وهذا النمط يعرف بأسم (الصفقة السياسية)، فتشكيل حكومة محلية على سبيل المثال، يمكن ان يتم بواسطة الصفقة، ومن دونها يمكن ان لا تشكل حكومة، لا محلية ولا مركزية ولا حكومة اقليم، وباللجوء الى الصفقة ـ هذا الاسم السحري ـ يمكن تحويل بغداد الى محافظة كردية و السليمانية الى محافظة عربية، وتحت عباءتها الحريرية يستطيع المرشح (س) او (ص) ان يصل الى رئاسة البرلمان او الجمهورية او الحكومة على رؤوس الاشهاد وأمام عيون الملأ وعلى خلاف الديمقراطية، واي قانون او تشريع يزعج الناس، او يخالف الدستور او يتعارض مع الحرية، يمكن تمريره في سلة من سلال الصفقات.. بالمناسبة اصبح العراق بلد السلال المشبوهة و.. وقد تؤدي احدى الصفقات المهمة الى العفو عن محرض على الارهاب وقبوله نائبا في البرلمان، او الموافقة على اعلان فدرالية الكرخ او الرصافة او علاوي الحلة او قنبر علي!. والصفقة كما هو واضح لا تجري باسلوب (القوة) وانما بطريقة (التوافق الفاسد)، ولكن المشكلة في هذا الابتكار العراقي هي ان الصفقة مفردة شائعة في القاموس التجاري، وبالتالي فانها من مفردات المصالح التجارية يين الافراد او الجماعات او الدول كصفقة اجهزة السونار التي ظهر كما تشير الوقائع، انها تشم رائحة العطور واقلام الحمرة ولا تشم رائحة السلاح والبارود، ومن هنا فان مفردة الصفقة تثير اشكاليه لغوية، والافضل في قناعتي، ان نغير تعبير (صفقة سياسية) الى (صفعة سياسية)، لانه اقرب الى الواقع!!.
|