في العادة هناك امنيات عامة يشترك فيها معظم الناس، فالشاب مثلا يحلم بمركبة حديثة، ومبلغ محترم من المال تحت يده، وسفرات متواصلة الى بلدان العالم، وفصيل من النساء والحبيبات والصبايا... اما الشابة فغاية حلمها زوج مخلص يحبها ويدللها، وبأربعة كيلوغرامات من الذهب، واربعين فستانا للسهرات والحفلات!. في شبابي، بل ومنذ مراهقتي، لم تراودني مثل هذه الامنيات، كان حلمي الوحيد ان اتعلم لغة اجنبية وعلى وجه التحديد (اللغة الانجليزية) باية وسيلة واي ثمن، ولكن الحظ لم يحالفني، وباءت محاولاتي جميعها بالفشل، حتى عندما ذهبت الى الجامعة، رفضوا قبولي في قسم اللغة الانجليزية، فاضطررت الى دراسة اللغة العربية، مع انه ليست لي بها حاجة حقيقية، فانا والحمد لله (لبلبان) بالعربية، فصيحها وعاميتها، واستطيع كتابة اسمي الثلاثي واسماء اجدادي ما دون خطأ، مثلما استطيع قراءة ما يكتبه المحللون السياسيون بصورة صحيحة، بغض النظر عن كوني لا افهم ماذا يقولون!!. ظل هذا الحلم يرافقني عشرات السنين وانا متمسك به، الى ان جاءت المصادفة الحسنة بعد عام 2003، حيث تعلمت الانجليزية واتقنتها، وخاصة في مجال النطق والتخاطب والتفاهم، وذلك يفضل اولياء امورنا الاميركان واختلاطنا معهم في شوارعنا ومقار عملنا وبيوتنا واحلامنا، واعترف للامانة التاريخية، ان اعظم مصدر لتعلمي هو (المجندات) فقد كنت شديد التعلق بهن، والانبهار بجمالهن، وطالما عبرت عن اعجابي باحضار الاطعمة العراقية اللذيذة لهن، من باب اكرام الضيف، وقد انعكست اجادتي لهذه اللغة على اسرتي، فحين اطلب من زوجتي ان تطبخ لنا (دولمة) مثلا، يكون طلبي بالانجليزية، وحين ترد علي يكون جوابها على النحو التالي (yes) اذا كان مزاجها رائقا، او ((sorry I cant اذا كانت متعكرة المزاج، ومع الايام بدأت شيئا فشيئا انسى اللغة العربية!!. قبل بضعة اشهر، مرت بي ظروف مادية صعبة دفعتني الى البحث عن عمل، وكلما راجعت وزارة او مؤسسة او فضائية او اذاعة او شركة، يسألني موظف الاستعلامات (استاذ.. هل تجيد اللغة العربية؟!) فاعتذر له لانني نسيتها، او نسيت معظمها تقريبا، ولكنني ابادر واخبره متباهيا انني ضليع الانجليزية، الا انه يضرب كفا بكف ويعرب عن اسفه، لان سكان البلد جميعهم يتحدثون الانجليزية، وهم بمسيس الحاجة الى من يتقن العربية، ويظل يكرر عبارة : مع الاسف.. مع الاسف!!.
|