علمنا الدرس الديمقراطي اللفظي ان نفترض الصواب في المقابل الخطأ, وان نفترض في صوابنا بعض الخطأ.. فكان علينا ان نضع احتمال ان يكون نهج الحكومة صائبا, وان نراجع هذا اليقين العام بان هذه الحكومة مؤسسة ومبنية على خطأ, وولدت عرجاء, وربما كسيحة.. وقد تكون موبوءة.. واننا قد ابتلعتنا انطباعات وربما اوبئة فرأينا فيها كل هذا الفساد.. وتشاءمنا وانتظرنا مستقبلا يفزع الدنيا ويضحكها في الوقت ذاته, ويظهر الدين الاسلامي مصدرا لتفتت وتمزق المجتمع .. ولضروب التجبر والقسوة والطغيان ..
الدرس الديمقراطي يدعو للنظر للشمس بشيء من الريبة وما اذا لم تكن شمسا , فربما هي نتاج علمي حديث ايضا.. فالوقت يدعو لإعادة إنتاج كل شيء بالعقل .. والإسلام بدوره يدعو لإعمال العقل وميز العقول في ثوابه.. فلا ضير في ان نتهم انفسنا, ازاء الحكومة بالتحامل والسوداوية وبالاعتقاد ان العراق يتصدر فساد الفاسدين في العالم... وانه تأسس بعد الاحتلال بعقول, لا يخلو بعضها من الجهالات الفادحة والأفكار العفنة والقناعات المتخلفة والمختلطة بالعقد والنزوات والتطلعات الضحلة... وان ما نراه من الوثوب من الأمية الأبجدية الى حمل شهادة الدكتوراه.. ومن الجلوس وراء سلال البقالة الى الجلوس في المناصب العليا وحمل الرتب ان هو الا تشوش نظر واخلاط ذهن واعراض ارهاق .. ولانه لا يمكن تصديق ما يجري.. ولا يمكن تصور قيام دولة بهذه المواصفات .. حتى اذا صحونا وتأكدنا مما نرى .. يأسنا ايضا لانه من المستحيل تغيير دولة بكاملها اولا .. ولان رجالها على قناعة بأنفسهم وبتجربتهم , وانهم يؤسسون لنموذج عالمي , وربما كوني ... ولا يرى عظمة النموذج غير بناته وغير رجاله.. وقد يغفرون لمن لا يرى.. بل وقد يتضرعون لان يغفر الله لكليلي النظر ولكل اولئك الذين لا يعلمون ...
لنتهم أنفسنا ونصغي بحيادية.. ونرى ان كان الرجل المناسب في الموقع المناسب .. وماهي الخطط الخمسية وغيرها في الصناعة والزراعة والثقافة والتنمية الاجتماعية ... لنقل اننا نردد ما يصخب به الغوغاء (الذين اذا اجتمعوا غلبوا واذا تفرقوا لم يعرفوا... او هم الذين اذا اجتمعوا ضروا , واذا تفرقوا نفعوا ) وليكن من الغوغاء كل من رأى الاعوجاج في بناء الدولة.. وكل من تشاءم منها.. وكل من رأى الفساد فيها... وسيكمل فضله وانتسابه الى الديمقراطية ان هو تغاضى عن السؤال عن مصير خمسمئة مليار دولار هي عائدات النفط منذ الاحتلال ...
ربما كل هذا اللغط الذي ضجت به آفاق الأرض بشأن الفساد هو مجرد أباطيل واتهامات ومحاولات إسقاط للتجربة.. فهل ان هذا الرقم المذهل من مليارات الدولارات, هذا من المرئي فقط.. هو مجرد افتراءات؟؟ الشمس غير موجودة ولكن مبلغا يبني نصف العالم لا يمكن إنكاره وعدم رؤيته .. اين الخمسمئة مليار دولار؟؟؟ |