يخبرنا تأريخ العظماء في الفكر والفلسفة والدين والعلم والاجتماع والأدب والفن والسياسة أنهم يلتقون على خواص وصفات أهمها المثابرة والجد والاجتهاد والإصرار على الوصول مع قوة أخلاقية عالية... ودائما ما كان البناة وإبطال التاريخ ورجال المنعطفات يوازنون بين إيمانهم برسالاتهم مع الانفتاح على آراء وقناعات الآخرين, وبين روح أخلاقية هي ذات روح الأنبياء وسماحتها ورحابتها وطفحها بالمحبة للناس جميعا وللحياة... مع عناد لا الين ولا أكثر مرونة منه.. وهكذا هم من قادوا شعوبهم ومجتمعاتهم إلى الرحابة والجدة والتطور وحولوا منعطفات التاريخ إلى مصاعد ودرجات ارتقاء واستطاعوا ان يهتدوا إلى النور في دياجير الظلمة.. وكذلك حال المخترعين والمكتشفين والمبدعين في الميادين المختلفة... فكلمة سرهم المثابرة الملتزمة بالأخلاق.. وربما كانت عبقريتهم وراء مثابرتهم وعنادهم وأخلاقيتهم العالية.. وضمان ديمومتهم ... فالمصادفات قد تأتي بما تأتي به العبقرية ولكنها ما لم تتزود بإرادة الانجاز وبروح الأخلاق سيكون فشلها مضاعفا وسيتجسد قبحها مضاعفا أيضا... وهذا شهدناه كثيرا في السنوات الأخيرة في السلب والإيجاب...
أثار انتباهنا ومن ثم انجذابنا لجريدة المستقبل العراقي حماسة العاملين بها من اجل الانجاز الطيب وأخلاقياتهم المتميزة, وأشعرونا بالتفاؤل, وظننا انه ليس من المصادفة أن نسمع ونلتقي بنماذج أخلاقية رفيعة وفي وقت معتم وواقع موحش... إذ لا وحشة تضارع وحشة المسافات بين الناس وفقدان الثقة بين بعضهم البعض.. ومن تحول الأخلاق إلى سلعة في السوق... سوق المصالح وحساباتها... فقد رأينا مثل هذه الأخلاق وهذا التواضع في مؤسسة إعلامية أخرى.. فأنقذونا من تشاؤم ومرارات التجربة... وتوقعنا لهم النجاح.. وقد نجحوا سريعا, وبدأت نسخها تنفد؟؟ وهناك من زف البشرى لأحد أعمدة الجريدة يخبره بشكوى احد باعة الصحف من قلة عدد مايحصل عليه من نسخ إزاء الطلب المتزايد عليها.. والبائع المعروف في الباب المعظم في بغداد تخلو بسطته الكبرى من المستقبل العراقي في وقت مبكر.. وباتت الصحف المعروفة تتابع من طرف خفي حضورها الشعبي.. والتفت الصحفيون إليها كبديل أخلاقي ومهني... ويذكر الصحفي الرسمي بإكبار ما سمعه من أن إدارة الجريدة ستدعو لحفل الجريدة كل من أسهم بتأسيسها وشارك في إصدارها وان غادرها لأي سبب كان .. وهذا وفاء عجزوا عن المحافظة عليه حتى من أرادوا أو من كانوا في دور ووظيفة الأمثولة.. وربما لا تفهم الامثولات الرسمية ابسط المتطلبات المهنية والثقافية والأخلاقية.. ولهذا وجد الكثيرون تفاؤلهم بهذه الجريدة وأمثالها القليلة...الأستاذ حسن العلوي بصدد إصدار كتاب جديد (أو كتب) يؤكد ريادة العقل الإسلامي للبرالية.. ويؤكدون نسبية الخطأ والصواب في الرأي والموقف.. ولا بد من معرفة وقت القول والرأي والموقف.. وإذا نظرنا إلى (المستقبل العراقي) قلنا إن المستقبل ما يعمل عليه اليوم.. وان ما يتجسد الآن فيها هو المهنية والأخلاقية.. وان القائمين عليها, وفضلا على حماسهم ورسوخ قناعاتهم وأخلاقيتهم فأنهم لا ينغلقون عن الرأي الآخر ولا يتطيرون من أطروحاته المنطقية.. وهذا ما يبحث عنه حامل الرأي الذي لم يعد له خيار غير أن يعرب عن رأيه في أي منبر نظيف.. هنيئا للمستقبل العراقي نجاحها السريع وندعوها للحفاظ على نجاحها ما دامت المنافسة ستكون شديدة بولادة صحف جديرة بالمنافسة... فالمنافسة, لا الكراهية, وازع التفوق.
|