تتنامى وتتسع وتكبر دائرة المستيقظين والمنتبهين والمدركين لما يحل في العراق، ولم تستطع أمريكا من منع تسربات نظرتها للإسلام، وبرامجها العسكرية لما تتوقعه من الإرهاب الإسلامي، وان كان الفكر والثقافة قد سبقا في الكشف عن العدو القادم والبديل للإمبراطورية السوفيتية... أي الإسلام، وأداة الحرب هذه المرة ومخططاتها تقوم على توظيف الغباء والجهالات, وتضخيم نزعة العدوان الطبيعية في الإنسان وإحالتها إلى عنف ومواجهات وحروب بين الشرائح الاجتماعية الأكثر تخلفا وعدوانا, إلا أن بزوغ الوعي شمل حتى الناس من بين البسطاء، ويتحدث عامل البناء والاسكافي والبائع المتجول وشحاذ الرصيف عن القصد الذي يتلخص بإتاحة اكبر فرصة من الحرية للإسلام لأن يظهر وجهه، ويكشف عن دواخله وأعمق قناعاته ولكن عبر استدراج عشاق السلطة والثروة.. وعشاق ذواتهم وكل من يرفع الشعار الإسلامي ويمشي تحته.. وبما ينفر البشرية ويثير فزعها من دموية والإسلام ويعزز الطروحات القديمة لبعض مفكري الغرب التي تقرن العنف بالإسلام، وللبرهنة إن هذه الشعوب لا تناسبها الديمقراطية، وإنها قاصرة مثل الأطفال وبحاجة الى من يرعاها ويقودها ويتولى أمرها، وإنها بارعة ومتفوقة وعبقرية فقط في العثور على ما يمزقها ويعيدها إلى الخلف ويجعل من وجودها في العصر نشازا.
يراد لهذه الشعوب ان تتبرع وتتعرى وتكشف عن عورتها وقبحها أمام العالم بعد ان توفر لها الحرية المطلقة، والى حد الفوضى المعلنة و(الخلاقة) مع توجيه الكشافات على الوجوه المختارة ورفعها ودعمها وإنطاقها بالإسلام، لا فزاع الأرض من الإسلام، بوصفه الذي يلهو بذبح نفسه لكي يذبح غيره.
من يدري، ربما لا برنامج مقصود ولا مؤامرات، ربما هي مصادفات التاريخ للاساءة للاسلام والطعن في جوهره والقول إن مذاهبه واجتهاداته ليست غير ثمرة شجرة الكراهية والعدوان، وها هو الإسلام يتجسد بالرجال وبالسياسيين منهم, وليتفرج العالم ويحكم، فهل هذا لسان حال المصادفات والظروف القائمة؟
المبشر والباعث على التفاؤل أن عدد اليقظين والغيورين ومن أدركوا انهم يعيشون في مفترق تاريخي، وانه المناسبة التي تستدعي الرجال والبناة والقادة يتوالدون ويتكاثرون، ولو كان في العراق إعلام دولة, لا إعلام حكومة لكان الاقتراح بتكريس صفحات وبرامج يومية لرجال التاريخ هؤلاء, وتتابع عبقريتهم في رؤية الإسلام الذي يجمع البشرية على صحن سعيد واحد، وتروج لأفكارهم النيرة المبرأة من التعصب وضروب الجشع والدناءات، وتعلن للبشرية، وعبر نموذج حي، انه لا أكثر زهدا بالسلطة وامتيازاتها من المسلم إلا في كونها فرصة للبناء والعطاء وإقامة المجتمع الفاضل والسعيد بمختلف أديانه وعروقه وطوائفه.
هاهو النموذج الجديد يدعو للإسراع بتجنيب الإسلام مما يتناثر عليه من وساخات الوسخين, ونثار لعاب أدنياء السلطة ومن ورثة الجهالات القديمة, يدعو لمروءة إسلامية ووطنية وأخلاقية، وإحباط القصد في تشويه الإسلام ومذاهبه، قبل فوات الأوان. |