والغضب يرغم أحيانا للقناعة بان من حق الانكليز أن يدعوا ملكيتهم للنفط العربي ,طالما هم من اكتشفوه .. وإننا بلا غضب كررنا القول بان المبدع الذي لا يراه مجتمعه وشعبه وأمته لا تستحقه .. فالعباقرة ينتسبون أولا لمن يراهم ويعرفهم وينزلهم منازلهم ... وقد درجنا على اليقين , في مجال الإبداع , وكعدوى من السياسة, على أن من لا يروج لنفسه ويثابر على عرضها وإقحامها بعيون وانتباه الناس يموت مهملا ومنسيا ويتلاشى هو وإبداعه حال غيابه عن العيون ... ربما يعود هذا إلى أن حياة العراقي أشبه بالمعركة يتعين على المرء أن ينتبه بشدة إلى من يهدده والى من يحميه وينقذه .. أما من لم يكن من الاثنين فالنظر إليه والانتباه لوجوده قد يصرفه عن رؤية الأخطار والتهديدات وكل ما يطيح به ...
طوبى للمتواضعين ؟؟ في بعض مجتمعاتنا لا طوبى للمتواضعين ومن لا يكدون ويلهثون للتظاهر والانتفاخ والتحليق وإرغام العيون على رؤيتها .. وإلا .. لينتظر العباقرة من يكتشفهم بعد حين ومن ينقب عنهم ويزيل التراب عن عبقرياتهم ... ويغدق عليهم الأمجاد التي لا تتسرب من تراب القبر لتروي عظامهم النخرة ...
بالمصادفة ...عرفنا أحفاد الفنان الكبير سلمان شكر وصدموننا عندما بدأوا من النهاية ,وقالوا انه مات من سنوات وان من شيعوه لا يتجاوزون عدد أصابع اليد .. وان هذا الموسيقار الذي ضجت وانفعلت لموسيقاه قاعات العالم .. وسحر قلوب الملايين يموت مريضا وجائعا ووحيدا .. ولولا منظمة البيت الكردي وبالتعاون مع مؤسسة شفق للثقافة والإعلام للكرد الفيليين وعقدها الندوة الاستذكارية للفنان لما ذكره احد .. فأي مصير حي ومجسد للفنان والمبدع العراقي في عراقه ؟؟؟.
ومصير الموسيقار شكر ليس صدفة ولا استثناء .. فقافلة المبدعين في مصيرهم البائس متواصلة .. وأخبار موتهم في المهاجر والمنافي على الفضائيات .. فبين السياسيين من انصرف بكليته وبكامل مشاعره لخدمة المواطن في متطلباته اليومية ولتعويضه عن معاناته الماضية , حيث سرقوا من مفردات بطاقته التموينية الوسكي واللحوم والدولارات التي قررتها أمريكا في وقتها .. هذا الطراز من السياسيين مشغول بالانتقام ممن سرقوا من بطاقته التموينية ولم يلتفت للمبدعين في المناحي المختلفة وماتوا ويموتون بالنسيان .. فالوقت لا يسمح بترف الموسيقى قبل إكمال مفردات البطاقة وتصريف الأحقاد والانتقام من الحرمان بتكديس الثروات وإقامة الفلل في العواصم الكبرى التي تناسبها الموسيقى .... |