بوسع الحكومة أن تطلق الوصف المناسب لمشاعرها وتسمي حالتها وهي ترى أكثر من ثمانية آلاف عراقي من الوسط والجنوب, يقصدون منطقة كردستان للعلاج.
ولو كلفوا أنفسهم وضحوا.. وأجلوا علاج زكامهم في مستشفيات العالم, وزاروا مستشفياتنا, ولتكن مستشفى بن الهيثم للعيون نموذجا كانوا سيتفهمون اضطرار المساكين والجياع للذهاب الى كردستان رغم الجهد والتعب والتكاليف.
ولو كانت هناك نقابة للأطباء لوضعت حدا لهذا الدجل والتزوير والابتزاز ...وبلغ أن ينزلق أطباء كبار, وكبار جدا للعبة السماسرة والمضاربين والجزارين.. وهذا مواطن يصل, بعد معاناة إلى عيادة الطبيب الكبير فيقابل ويخضع لفحص وعلاج طبيب بديل (معتمد من الطبيب الكبير) وانه (الطبيب الكبير) الآن في ساحة كذا, بل ساحة أخرى ..بل انه متفرغ للجراحة في المستشفى الأهلية الفلانية... وهذه عيادة الدكتور فارس البكري تضاهي بسعتها وازدحامها قاعة المستشفى, وموظف الاستعلامات ينهر ويهدد المراجعين إن لم يبتعدوا عن طاولته حرمهم من مراجعة الطبيب (كان هذا بعد الساعة العاشرة من صباح السبت الثالث من هذا الشهر, وكل هذا كي لا ليقابلوا الدكتور فارس بل معتمده وبديله, وهذا حال أطباء كثيرون مثله قد يتقاضون نسبة من الأطباء البديلين... وليت الأمر عند هذا الحد... فافتعال الخطورة وإرغام المريض على المستشفيات الأهلية بات حالة معتادة... وهناك من يروي أن طفلته الجميلة بطاقتها الحيوية وتحولها الى برق يخطف في المكان, هذه الطفلة كانت الدكتورة الكبيرة ستسقطها بعملية في مستشفى أهلية بذريعة أنها مشوهة وربما ميتة وقد تميت أمها إذا لم تجر لها العملية فورا... ونفس الحكاية من رض القدم والتهاب العين ..وكل ما يكشف فقدان أطباء لروحهم ورسالتهم الإنسانية, ويسيء ويشوه من سمعة بقية الأطباء.
الأطباء قليلون.. إنهم يفرون لأسباب كثيرة ومعروفة.. والمتبقون بين جشع ومتوحش وذئب برداء ابيض... وبين من يصبر ويتصابر ويأمل بالفرج من التعامل الهمجي من هنا وهناك ...والمحصلة شقاء المواطن الذي بات على قناعة يسمعها من يقدر له زيارة المستشفيات والعيادات الخاصة قائلا أن المرض لا يقتل المريض, بل القهر ...فيستجير بكردستان وتكاليفها ...وكان على الحكومة أن تصف وتسمي حالتها وهي عاجزة عن توفير العلاج لهذه الآلاف .. إلا أن في المستشفيات الحكومية ذاتها ما يمكن من القول أنها لو خليت قلبت ..وهناك مرضى ميسورون عندما يحظون بفرصة التطبب على يد بعض الأطباء في المستشفيات الحكومية يفضلونها , .. إنما كم عددهم وما هو حالهم ؟؟ ...وزميل أعلامي مثقل بصورة جميلة لدكتورة أطفال (أديبة محمد مراد) لا تتقاضى أجور الكشف في عيادتها عندما تشعر بعوز المريض وبأسلوب بالغ اللطف ويداري مشاعره وكبريائه.
ولا نظن ان هذه الإشادة لتزعج الذئاب... فالذئاب لا تعي ولا تفهم, ولأنها عندنا في أمان.
تتظلم المرأة وتتضرع الى الله وتقول لحشد المنتظرين عما سيفعله المسؤول فلان لو قال له الطبيب أن في شبكية عينه نزف وانه يفقد من نظره ساعة بعد ساعة إلا أن موعد علاجه سيتأخر أيام وأسابيع وربما شهور ويكون بصره قد كف ونضب ..فأي دعاء من المرضى يناسبه؟ ثم..إذا فشلت الحكومة في الاحتفاظ بالأطباء لماذا لا تستقدم أطباء غيرهم؟ ولماذا لا تتحمل تكاليف العلاج (في الدولة العراقية الأخرى) في كردستان؟ |